للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حتى يظل الرجل لا يدري: كم صلى؟)) متفق عليه.

٦٦١- (٣) وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يسمع مدى صوت المؤذن جن،

ولا إنس، ولا شيء، إلا شهد له

ــ

في الصلاة (حتى يظل الرجل) بفتح الظاء أي يصير ويبقى من الوسوسة بحيث. (لا يدري كم صلى) أي يقع في الشك. قال الطيبي: كرر "حتى" في الحديث خمس مرات، الأولى والأخيرتان بمعنى "كي"، والثانية والثالثة دخلتا على الجملتين الشرطيتين وليستا للتعليل- انتهى. وقد اختلف العلماء في الحكمة في هروب الشيطان عند سماع الأذان والإقامة دون سماع القرآن والذكر في الصلاة، فقيل: يهرب حتى لا يشهد للمؤذن يوم القيامة، فإنه لا يسمع مدى صوته جن ولا إنس إلا شهد له يوم القيامة. وقيل: لأن الأذان دعاء إلى الصلاة المشتملة على السجود الذي أباه وعصى بسببه. وقيل: غير ذلك مما بسطه الحافظ في الفتح، والزرقاني في شرح الموطأ. قال ابن بطال: يشبه أن يكون الزجر عن خروج المرء من المسجد بعد أن يؤذن المؤذن من هذا المعنى، لئلا يكون متشبهاً بالشيطان الذي يفر عند سماع الأذان. (متفق عليه) وأخرجه أيضاً مالك، وأبوداود، والنسائي.

٦٦١- قوله: (لا يسمع مدى صوت المؤذن) بفتح الميم والقصر، أي غاية صوته، قال البيضاوي: غاية الصوت تكون أخفى، فإذ شهد له من بعد عنه ووصل إليه منتهى صوته فلأن يشهد له من دنا منه، وسمع مبادئ صوته أولى بالشهادة. (جن ولا إنس) تنكيرهما في سياق النفي لتعميم الأحياء والأموات. (ولا شيء) أي من النبات والحيوانات والجمادات، فهو من باب عطف العام على الخاص، يدل عليه ما في رواية ابن خزيمة: "لا يسمع صوته شجر ولا مدر، ولا حجر، ولا جن، ولا إنس". ولأبي داود والنسائي من حديث أبي هريرة: "المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس"، ونحوه لأحمد والنسائي من حديث البراء، وصححه ابن السكن، فهذه الأحاديث تبين المراد من قوله في حديث الباب: "ولا شيء"، وغير ممتنع عقلاً ولا شرعا أن يخلق الله في الجمادات الحياة والقدرة على السماع والكلام والشهادة، ومثله قوله تعالى. {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} [١٧: ٤٤] وفي صحيح مسلم: إني لأعرف حجراً كان يسلّم عليّ. ومنه ما ثبت في البخاري وغيره من قول النار: أكل بعضي بعضاً. قال القاري: والصحيح أن للجمادات والحيوانات والنباتات علماً وإدراكاً وتسبيحاً كما يعلم من قوله تعالى: {وإن منها لما يهبط من خشية الله} [٢: ٧٤] ، وقوله تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده} ومن حديثه عليه السلام: "يقول الجبل للجبل: هل مر بك أحد ذكر الله؟ فإذا قال: نعم استبشر". قال البغوي: وهذا مذهب أهل السنة، ويدل عليه قضية كلام الذئب والبقر وغيرهما فلا يحتاج إلى ما قاله ابن حجر: بأن يخلق الله تعالى فهماً وسمعاً حيى تسمع أذانه وتعقله. (إلا شهد له) أي بلسان القال. والسر في

<<  <  ج: ص:  >  >>