للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وابعثه مقاما محموداً الذي وعدته؛ حلت له شفاعتي يوم القيامة)) رواه البخاري.

٦٦٥- (٧) وعن أنس، قال: ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذاناً أمسك، وإلا أغار.

ــ

في شيء من الروايات ذكره القاري. (وابعثه مقاماً محموداً) على حكاية لفظ القرآن، أي مقاماً يحمدك فيه الأولون والآخرون، أو مقاماً يحمد القائم فيه، وهو يطلق على كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات، ونصبه على الظرفية، أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محموداً. أو ضمن "ابعثه" معنى "أقمه" أو على أنه مفعول به، ومعنى "ابعثه" "أعطه"، أو على الحال أي ابعثه ذا مقام، والتنكير للتعظيم والتفخيم كما قال الطيبي، كأنه قال: مقاماً أي مقام محمودا بكل لسان. وقد روي بالتعريف عند النسائي، وابن حبان، والطحاوي، والطبراني، والبيهقي. وهذا يرد على من أنكر ثبوته معرفاً كالنووي. (الذي وعدته) أراد بذلك قوله تعالى. {عسى أن يبعثك ربك مقاما محموداً} [١٧: ٧٩] ، وأطلق عليه الوعد؛ لأن عسى في كلام الله للوقوع، والموصول إما بدل من "مقاماً" أو عطف بيان، أو خبر مبتدأ محذوف، وليس صفة للنكرة لعدم المطابقة في التنكير، ووقع في رواية النسائي وغيره "المقام المحمود" بالألف واللام، فيصح وصفه بالموصول. قال ابن الجوزي: والأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة. والحكمة في سؤال ذلك مع كونه واجب الوقوع بوعد الله، وعسى في الآية للتحقيق إظهار لشرفه، وعظم منزلته، وتلذذ بحصول مرتبته ورجاء لشفاعته. (حلت) كذا في رواية البخاري بدون إلا، وهو الظاهر، وفي رواية الترمذي، وأبي داود والنسائي، وابن ماجه: إلا حلت، بإثبات إلا، وهي تحتاج إلى تأويل، ورواية البخاري أوضح؛ لأن أول الكلام "من قال" وهو شرطية و"حلت" جوابها، ولا يقترن جواب الشرط بإلا، وأما مع إلا فينبغي أن يجعل من في قوله "من قال" استفهامية للإنكار، فيرجع إلى النفي. وقال بمعنى "يقول" أي ما من أحد يقول ذلك إلا حلت له، ومثله: {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} [٢: ٢٥٥] و {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} [٥٥: ٦٠) وأمثلته كثيرة. (رواه البخاري) وأخرجه أيضاً أحمد والترمذي وأبوداود والنسائي وابن ماجه وابن السني في عمل اليوم والليلة عن النسائي.

٦٦٥- قوله: (يغير) من الإغارة. (إذا طلع الفجر) ليعلم أنهم مسلمون أو كفار. (وكان يستمع الأذان) أي يطلب سماعه، ويتوجه بسمعه إلى صوت الأذان ليعرف حالهم. (أمسك) أي عن الإغارة به. (وإلا) أي وإن لم يسمع الأذان (أغار) قال القاضي: أي كان يتثبت فيه ويحتاط في الإغارة حذراً عن أن يكون فيهم مؤمن، فيغير عليه غافلا عنه جاهلا بحاله. وفي الحديث دليل على جواز الحكم بالدليل لكونه - صلى الله عليه وسلم - كف عن القتال بمجرد سماع الأذان، وفيه الأخذ بالأحوط في أمر الدماء؛ لأنه كف عنهم في تلك الحال مع احتمال أن لا يكون ذلك على الحقيقة، وقال الخطابي: فيه بيان أن الأذان شعار لدين الإسلام،

<<  <  ج: ص:  >  >>