٦٧٠- (١٢) وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يعجب ربك من راعى غنم في رأس
شظية للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي، فيقول الله عزوجل: أنظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم
الصلاة، يخاف مني،
ــ
التهذيب (ج٢: ص٤٨) : روى له أبوداود حديثاً واحداً في السهو في الصلاة من حديث مغيرة بن شعبة، وقال عقبة: ليس في كتابي عن جابر الجعفي غيره.
٦٧٠- قوله:(يعجب ربك) قال النووي: التعجب على الله محال إذ لا يخفى عليه أسباب الأشياء، والتعجب إنما يكون مما خفي سببه، فالمعنى: عظم ذلك عنده وكبر. وقيل: معناه الرضا، أي يرضى ربك منه، وبثيب عليه. والخطاب إما للراوي أو لواحد من الصحابة غيره، أو عام لكل من يتأتى منه السماع، كذا في المرقاة. وقيل: العجب روعة تعترى الإنسان عند استعظام الشيء، والله تعالى منزه عن الروعة، فيحمل على الاستعظام من غير ورعة. وقال الإمام ابن تيمية في بعض رسائله بعد ذكر الأحاديث التي فيها نسبة العجب إلى الله تعالى: أن قول القائل: التعجب استعظام للمتعجب منه، فيقال نعم، وقد يكون مقروناً بجهل بسبب المستعجب منه، وقد يكون لما خرج عن نظائره، والله تعالى بكل شيء عليم، فلا يجوز عليه أن لا يعلم سبب ما يعجب منه، بل يتعجب منه لخروجه عن نظائره تعظيماً له، والله تعالى يعظم ما هو عظيم إما لعظمه أو لعظمته، فإنه واصف بعض الخير بأنه عظيم، ووصف بعض الشر بأنه عظيم، فقال:{رب العرش العظيم}[٢٣: ٨٦] وقال: {لقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم}[١٥: ٨٧] وقال: (لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً} [٤: ٦٧] وقال: {سبحانك هذا بهتان عظيم}[٢٤: ١٦] وقال: {إن الشرك لظلم عظيم}[٣١: ١٣] . وقول القائل: إن هذه انفعالات نفسانية، فيقال: كل ما سوى الله مخلوق منفعل، ونحن ذواتنا منفعلة، فكونها انفعالات فينا لغيرنا نعجز عن دفعها لا يوجب أن يكون الله منفعلاً لها، عاجزاً عن دفعها، فإن كل ما يجري في الوجود فإنه بمشيئته وقدرته، لا يكون إلا ما يشاء، ولا يشاء إلا ما يكون له الملك وله الحمد. (من راعي الغنم) اختار العزلة من الناس. (في رأس شظية للجبل) بفتح الشين وكسر الظاء المعجمتين وتشديد التحتانية، قطعة مرتفعة في رأس الجبل. (يؤذن بالصلاة) وفائدة تأذنيه إعلام الملائكة والجن بدخول الوقت، فإن لهم صلاة أيضاً. وشهادة الأشياء على توحيده، ومتابعة سنته، والتشبه بالمسلمين في جماعتهم. وقيل: إذا أذن وأقام تصلي الملائكة معه، ويحصل له ثواب الجماعة. (فيقول الله) أي لملائكته. (أنظروا إلى عبدي هذا) تعجيب للملائكة من ذلك الأمر بعد التعجب لمزيد التفخيم، وكذا تسميته بالعبد وإضافته إلى نفسه، والإشارة بهذا تعظيم على تعظيم. (ويقيم الصلاة) منصوب بنزع الخافض أي للصلاة تنازع فيه الفعلان. وقال ابن الملك: أي يحافظها ويداوم عليها. (يخاف مني) أي يفعل ذلك خوفاً مني لا يراه أحد قاله ابن حجر. وقال الطيبي: الأظهر أنه جملة مستأنفة، وإن احتمل الحال فهو كالبيان لعلة عبوديته واعتزاله التام عن الناس