٧٠٦- (١٣) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا
ظله:
ــ
من الأنصار، وليس في العرب سلمة- بكسر اللام- غيرهم، كانت ديارهم بعيدة من المسجد، وكان يجهدهم في سواد الليل وعند وقوع الأمطار واشتداد البرد، فأرادوا أن يتحولوا قرب المسجد، فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعرى جوانب المدينة، فرغبهم فيما عند الله من الأجر على نقل الخطا. والمراد بالكتابة أن تكتب في صحف الأعمال، أي كثرة الخطا سبب لزيادة الأجر- انتهى. وفي الحديث أن أعمال البر إذا كانت خالصة تكتب آثارها حسنات. وفيه استحباب السكنى بقرب المسجد للفضل إلا لمن حصلت به منفعة أخرى، أو أراد تكثير الأجر بكثرة المشي ما لم يحمل على نفسه، ووجهه أنهم طلبوا السكنى بقرب المسجد للفضل الذي علموه منه فما أنكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك بل رجح درء المفسدة بإخلائهم جوانب المدينة على المصلحة المذكورة، وأعلمهم بأن لهم في التردد إلى المسجد من الفضل ما يقوم مقام السكنى بقرب المسجد أو يزيد عليه. (رواه مسلم) وأخرج البخاري قريباً من معناه من حديث أنس، وروى ابن ماجه وغيره عن ابن عباس بسند قوي، قال: كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد فأرادوا أن يقتربوا فنزلت: {ونكتب ما قدموا وآثارهم}[٣٦: ١٢] قال فثبتوا.
٧٠٦- قوله:(سبعة) أي سبعة أشخاص أو سبعة من الناس، وهذا العدد لا مفهوم له، فقد وردت أحاديث بزيادة على ذلك لا تخفى على من تتبع دواوين الحديث، وقد أفردها الحافظ بتأليف سماه معرفة الخصال الموصلة إلى الظلال، وتتبعها السيوطي فأوصلها إلى سبعين خصلة، وأفردها في المؤلف بالأسانيد ثم اختصره. (يظلهم الله) جملة في محل الرفع على أنها خبر للمبتدأ أعني قوله: سبعة، أي يدخلهم (في ظله) إضافة تشريف ليحصل امتياز هذا عن غيره كما يقال للكعبة: بيت الله. مع أن المساجد كلها ملكه، وقيل: المراد بظله كرامته وحمايته وكنفه، يقال: فلان في ظل الملك أي في كنفه وحمايته، والمعنى يحفظهم من كرب الآخرة ويكنفهم في رحمته. قال عياض: وهو أولى الأقوال. وقيل المراد ظل عرشه. ويدل عليه ما رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن من حديث سلمان: سبعة يظلهم الله في ظل عرشه- فذكر الحديث، ثم كونهم في ظل عرشه يستلزم ما ذكر من كونهم في كنف الله وكرامته من غير عكس، فهو أرجح وبه جزم القرطبي، ويؤيده أيضاً تقييد ذلك بيوم القيامة كما صرح به في رواية. (يوم لا ظل إلا ظله) أي ظل عرشه على حذف المضاف، والمراد يوم القيامة إذا قام الناس لرب العالمين، وقربت الشمس من الرؤوس، واشتد عليهم حرها، وأخذهم العرق ولا ظل هناك لشيء إلا العرش. قيل: المراد إن ظل العرش يغلب على الشمس بالنسبة إليه فلا يبقى لها