خمساً وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى، لم تزل الملائكة تصلي عليه مادام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه. ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة)) . وفي رواية: قال: ((إذا دخل المسجد كانت الصلاة تحبسه)) .
ــ
أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفرداً، ولا يلزم من استواء الصلاة في البيت والسوق في المفضولية عن المسجد أن لا يكون أحدهما أفضل من الآخر، وكذا لا يلزم منه أن الصلاة جماعة في البيت أو السوق لا فضل فيها على الصلاة منفرداً، بل الظاهر أن التضعيف المذكور مختص بالجماعة في المسجد، والصلاة في البيت مطلقاً أولى منها في السوق لما ورد من أن الأسواق موضع الشياطين، والصلاة جماعة في البيت وفي السوق أولى من الانفراد. (خمساً وعشرين ضعفاً) بكسر الضاد أي مثلاً، ووجه حذف التاء من "خمساً" بتأويل الضعف بالدرجة أو بالصلاة، وتوضيحه أن ضعفاً مميز مذكر فتجب التاء فقيل بالتأويل المذكور، وفي المصابيح: خمسة وعشرين ضعفاً. وكذا وقع في بعض نسخ البخاري، والمرجع في سر الأعداد إلى علوم النبوة التي قصرت عقول الألباء عن إدراك جملها وتفاصيلها. (وذلك) إشارة إلى التضعيف الذي يدل عليه قوله: تضعف. (أنه إذا توضأ) قال الحافظ: هذا ظاهر في أن الأمور المذكورة علة للتضعيف المذكور، إذ التقدير: وذلك لأنه. فكأنه يقول: التضعيف المذكور سببه كيت وكيت. وإذا كان كذلك فما رتب على موضوعات متعددة لا يوجد بوجود بعضها إلا إذا دل دليل على إلغاء ما ليس معتبراً، أو ليس مقصوداً لذاته، وهذه الزيادة التي في حديث أبي هريرة معقولة المعنى، فالأخذ بها متوجه، والروايات المطلقة لا تنافيها بل يحمل مطلقها على هذه المقيدة. (فأحسن الوضوء) أي أسبغه برعاية السنن والآداب. (لا يخرجه إلا الصلاة) أي قصد الصلاة المكتوبة في جماعة، جملة حالية، والمضارع المنفي إذا وقع حالاً يجوز فيه الواو وتركه. (لم يخط) بفتح أوله وضم الطاء من خطا يخطو خطوا: فتح ما بين قدميه ومشى. (خطوة) بضم أوله ويجوز الفتح، قال الجوهري: الخطوة بالضم ما بين القدمين، وبالفتح المرة الواحدة. وجزم اليعمري: أنها هنا بالفتح، وقال القرطبي: إنها في روايات مسلم بالضم. (تصلي عليه) أي تدعو له بالخير وتستغفر من ذنوبه، وتطلب له الرحمة. (مادام) أي مدة دوامه. (في مصلاه) بضم الميم، أي في المكان الذي أوقع فيه الصلاة من المسجد، وكذا لو قام إلى موضع آخر من المسجد مع دوام نية انتظاره للصلاة، فالأول خرج مخرج الغالب. (اللهم صل عليه) أي لم تزل الملائكة تصلي عليه حال كونهم قائلين ذلك. (اللهم ارحمه) قال الطيبي: طلب الرحمة بعد طلب المغفرة؛ لأن صلاة الملائكة استغفار لهم. (في الصلاة) أي في ثواب صلاة. (ما انتظر الصلاة) أي مادام ينتظرها سواء ثبت في مجلسه الذي صلى فيه من المسجد أم تحول إلى غيره. (وفي رواية: إذا دخل المسجد كانت الصلاة تحبسه) أي تمنعه