للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

متفق عليه.

٧١٣- (٢٠) وعن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((البزاق في المسجد خطيئة،

ــ

على من أنشأه بعد سماع النداء، قلت: الحديث قد استدل به على أن صلاة الجماعة ليست فرض عين، قال ابن دقيق العيد: وتقريره أن يقال: أكل هذه الأمور جائز، ومن لوازمه ترك صلاة الجماعة في حق آكلها، ولازم الجائز جائز، فيكون ترك صلاة الجماعة في حق آكلها جائزاً، وذلك ينافي الوجوب، قال: وقد يستدل بهذا الحديث على أن أكل هذه الأمور من الأعذار المرخصة في ترك حضور الجماعة، وقد يقال: إن هذا الكلام خرج مخرج الزجر عنها فلا يقتضي ذلك أن يكون عذراً في تركها إلا أن تدعو إلى أكلها ضرورة، قال: ويبعد هذا من وجه تقريبه إلى بعض أصحابه فإن ذلك ينفي الزجر-انتهى. (متفق عليه) واللفظ لمسلم، وأخرجه أيضاً أحمد، والترمذي في الأطعمة والنسائي في الصلاة وفي الباب روايات عن جماعة من الصحابة عند الشيخين وغيرهما بألفاظ متقاربة.

٧١٣- قوله: (البزاق) أي إلقاءه، وهو بضم الباء بعدها زاي، وفي رواية لمسلم "التفل" بدل البزاق، وفي رواية النسائي: البصاق بالصاد والتفل بفتح المثناة فوق وسكون الفاء هو البزاق والبصاق، وهما ماء الفم إذا خرج منه، ومادام فيه فهو ريق. (في المسجد) أي في أرضه وجدرانه، قال الحافظ: قوله: في المسجد. ظرف للفعل فلا يشترط كون الفاعل فيه حتى لو بصق من هو خارج المسجد فيه تناوله النهي. (خطيئة) بالهمزة أي إثم وفي رواية لأحمد: سيئة، ومثل البزاق المخاط والنخامة بل أولى. قال القاضي عياض: إنما يكون خطيئة إن لم يدفنه، فمن أراد دفنه فلا، ورده النووي فقال: هو خلاف صريح الحديث، فالبزاق في المسجد عنده خطيئة مطلقاً أراد دفنه أو لا. قال الحافظ: وحاصل النزاع أن ههنا عمومين تعارضا وهما قوله: البزاق في المسجد خطيئة. وقوله: وليبصق عن يساره أو تحت قدمه، فالنووي يجعل الأول عاماً ويخص الثاني بما إذا لم يكن في المسجد، والقاضي بخلافه يجعل الثاني عاماً ويخص الأول بمن لم يرد دفنها. وقد وافق القاضي جماعة منهم ابن مكي في التنقيب، والقرطبي في المفهم، ويشهد لهم ما رواه أحمد والطبراني بإسناد حسن من حديث أبي أمامة مرفوعاً، قال: من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة، وإن دفنه فحسنة، فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن، ونحوه حديث أبي ذر عند مسلم مرفوعاً قال: وجدت في مساوئ أعمال أمتي النخاعة تكون في المسجد لا تدفن. قال القرطبي: فلم يثبت لها حكم السيئة بمجرد إيقاعها في المسجد بل به وبتركها غير مدفونة-انتهى. ومما يدل على أن عمومه مخصوص جواز ذلك في الثواب ولو كان في المسجد بلا خلاف، وعند أبي داود من حديث عبد الله بن الشخير أنه صلى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فبصق تحت قدمه اليسرى ثم دلكه بنعله. إسناده صحيح، وأصله في مسلم، والظاهر أن ذلك كان في المسجد فيؤيد ما تقدم. وتوسط بعضهم فحمل الجواز على ما إذا كان له عذر كأن لم يتمكن من الخروج من المسجد، والمنع على ما إذا لم يكن له عذر،

<<  <  ج: ص:  >  >>