للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧١٦- (٢٣) وفي رواية أبي سعيد: ((تحت قدمه اليسرى)) متفق عليه.

٧١٦- (٢٤) وعن عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في مرضه الذي لم يقم منه: ((لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))

ــ

وتأنيث الضمير في "فيدفنها" بتأويل البصقة التي يدل عليها قوله "وليبصق" أي فيغيب البصقة بالتعميق في باطن أرض المسجد بحيث يأمن الجالس عليها من الإيذاء، فلو كان المسجد غير ترابي فيدلكها بشيء حتى يذهب أثرها ألبتة، وإذا بدره البزاق ولم يكن يساره فارغاً وكان تحت قدمه فراش من ثوب ونحوه تعين الثوب للبزق فيتفل فيه ثم يرد بعضه على بعض، ولو فقد الثوب مثلاً فلعل بلعه أولى من ارتكاب المنهي عنه.

٧١٦- قوله: (وفي رواية أبي سعيد) أي عند الشيخين. (متفق عليه) واللفظ للبخاري، وفي الباب عن أنس، وابن عمر، وأبي سعيد عند الشيخين، وجابر بن عبد الله عند أبي داود وغيره.

٧١٧- قوله: (قال في مرضه الذي لم يقم منه) كأنه - صلى الله عليه وسلم - علم أنه مرتحل من ذلك المرض، فخاف أن يعظم قبره كما فعل اليهود والنصارى، فعرض بلعنهم إشارة إلى ذم من يفعل فعلهم كيلا يعامل معه ذلك، فقال: (لعن الله اليهود والنصارى) واللعن أمارة الكبيرة المحرمة أشد التحريم فيكون الفعل الذي أوجب اللعن حراماً. (اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد) جملة مستأنفة على سبيل البيان لموجب اللعن، كأنه قيل: ما سبب لعنهم؟ فأجيب بقوله: اتخذوا. زاد في رواية: يحذر ما صنعوا. وهي جملة مستأنفة أخرى من كلام الراوي، كأنه سئل عن حكمة ذكر ذلك في ذلك الوقت، فقالك ليحذر أمته أن يصنعوا بقبره مثل ما صنع اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم. واتخاذ القبور مساجد أعم من أن يكون بمعنى الصلاة إليها، أو بمعنى الصلاة عليها. وفي مسلم: لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها، ولا عليها. والظاهر أن العلة سد الذريعة والبعد عن التشبه بعبدة الأوثان الذين يعظمون الجمادات التي لا تسمع ولا تنفع ولا تضر، ولما في إنفاق المال في ذلك من العبث والتبذير الخالي عن النفع بالكلية، ولأنه سبب لإيقاد سرج عليها الملعون فاعله، ومفاسد ما يبنى على القبور من المشاهد والقباب لا تحصر. وقال التوربشتي الحنفي في شرح المصابيح: معنى إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - على اليهود والنصارى صنيعهم هذا مخرج على وجهين: أحدهما أنهم كانوا يسجدون لقبور الأنبياء تعظيماً لهم، والثاني أنهم كانوا يتحرون الصلاة في مدافن الأنبياء، والسجود على مقابرهم، والتوجه إلى قبورهم حالة الصلاة نظراً منهم بأن ذلك الصنيع أعظم موقعاً عند الله لاشتماله على الأمرين: عبادة الله سبحانه، والمبالغة في تعظيم الأنبياء، وذهاباً إلى أن تلك البقاع بإقامة الصلاة والتوسل بالعبادة فيها إلى الله لاختصاصها بقبور الأنبياء، وكلا الطريقين غير مرضية، أما الأولى فلأنها من الشرك الجلي، أما الثانية فلأنها متضمنة معنى ما من الإشراك في عبادة الله حيث أتى بها على صنعة

<<  <  ج: ص:  >  >>