للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقلنا: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك

ــ

الدالة على كون الزوجتين من نساء الدنيا، وكثرة النساء في الجنة دون النار لأنه يحتمل أن يكون ذلك في أول الأمر قبل خروج العصاة من النار بالشفاعة، وقيل: كانت الأكثرية عند مشاهدته إذ ذاك ولا تنسحب على مجموع الزمان، فتأمل (وبم) أصله بما حذفت ألف ما الاستفهامية بدخول حرف الجر عليها تخفيفاً، والباء للسببية متعلقة بمقدر بعدها، والواو للعطف على مقدر قبله، والتقدير: كيف يكون ذلك وبأي شيء نكن أكثر أهل النار، أو ما ذنبنا وبم ... الخ. (تكثرن اللعن) في مقام التعليل، وكان المعنى لأنكن تكثرن اللعن، وهو في اللغة الطرد والإبعاد، وفي الشرع الإبعاد من رحمة الله تعالى، قال القاري: لعل وجه التقييد بالإكثار أن اللعن يجري على ألسنتهن لاعتيادهن من غير قصد لمعناه السابق فخفف الشارع عنهن ولم يتوعدهن بذلك إلا عند إكثاره، قال: وقد يستعمل في الشتم والكلام القبيح، يعني عادتكن إكثار اللعن والشتم والإيذاء باللسان، انتهى. (وتكفرن) بضم الفاء، قال الراغب: الكفر في اللغة: ستر الشيء، وكفر النعمة وكفرانها سترها بترك أداء شكرها، والكفران في جحود النعمة أكثر استعمالاً، والكفر في الدين أكثر والكفور فيهما. (العشير) أي المعاشر، وهو المخالط، والمراد به الزوج أو أعم من ذلك، وكفران العشير جحد نعمته وإحسانه واستقلال ما كان منه. (ما رأيت ناقصات عقل ودين) من مزيدة للاستغراق بمجيئها بعد النفي، صفة لمفعوله المحذوف، أي ما رأيت أحداً من ناقصات. العقل: غزيرة في الإنسان يدرك بها المعنى ويمنعه عن القبائح، وهو نور الله في قلب المؤمن. (أذهب) بالنصب، وهو صفة أخرى للمفعول المحذوف إن كان رأيت بمعنى أبصرت، وهو مفعول ثانٍ له إن كان بمعنى علمت، والمفضل عليه مفروض مقدر، وهو أفعل التفضيل من الإذهاب لمكان اللام في قوله (للب الرجل) أي أكثر إذهاباً للب، وهذا جائز على رأي سيبويه حيث جوزه من الثلاثي المزيد، واللب: العقل الخالص من شوائب الهوى، وسمي بذلك لكونه خالص ما في الإنسان من قواه كاللباب من الشيء، وقيل: ما ذكا من العقل، فكل لب عقل ولا يعكس. (الحازم) الضابط لأمره من الحزم، وهو ضبط الرجل أمره وأخذه بالثقة، وهذه مبالغة في وصفهن بذلك؛ لأن الضابط لأمره إذا كان ينقاد لهن فغير الضابط أولى (من إحداكن) متعلق بأذهب (وما نقصان ديننا وعقلنا) هذا استفسار منهن عن وجه نقصان دينهن، وذلك لأنه خفي عليهن ذلك حتى استفسرن، وما ألطف ما أجابهن به - صلى الله عليه وسلم - من غير تعنيف ولا لوم بل خاطبهن على قدر عقولهن وفهمهن (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل) إشارة إلى قوله تعالى: {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان} [٢: ٢٨٢] ؛ لأن الاستظهار بأخرى مؤذن بقلة ضبطها وهو مشعر بنقص عقلها (فذلك) بكسر الكاف خطاباً للواحدة التي تولت الخطاب، ويجوز

<<  <  ج: ص:  >  >>