للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رواه أبوداود، والنسائي، والدارمي، وابن ماجه.

٧٢٥- (٣٢) وعنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((عرضت عليّ أجور أمتي حتى القذاة يخرجها الرجل من المسجد. وعرضت على ذنوب أمتي فلم أرَ ذنباً أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها))

ــ

بالقول كما ستعرف أو بالفعل كأن يبالغ كل واحد في تزين مسجده وتزويقه وغير ذلك، وفيه دلالة مفهمة بكراهة ذلك. (في المساجد) أي في بنائها يعني يتفاخر كل أحد بمسجده، يقول: مسجدي أرفع أو أزين أو أوسع أو أحسن علواً وزينة، رياء وسمعة واجتلاباً للمدحة، أو يأتون بهذا الفعل الشنيع-وهو المباهاة بما ذكر- وهم جالسون في المساجد. والحديث على المعنيين مما يشهد بصدقه الوجود، فهو من جملة المعجزات الباهرة له - صلى الله عليه وسلم -. (رواه أبوداود) وسكت عنه هو والمنذري. (والنسائي والدارمي وابن ماجه) واللفظ للنسائي وابن ماجه، ورواه أبوداود والدارمي بلفظ: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد. وهكذا رواه ابن حبان في صحيحه، وأخرجه أبويعلى في مسنده، وابن خزيمة في صحيحه بلفظ: يأتي على الناس زمان يتباهون بالمسجد ثم لا يعمرونها إلا قليلاً. وعند أبي نعيم في كتاب المساجد: يتباهون بكثرة المساجد.

٧٢٥- قوله: (عرضت عليّ) لعل هذا العرض في ليلة المعراج. (أجور أمتي) أي ثواب أعمالهم. (حتى القذاة) بزنة حصاة وهي ما يقع في العين من تراب أو تبن أو وسخ، ثم استعمل في كل شيء يقع في البيت وغيره إذا كان يسيراً، والمراد هنا الشيء القليل مما يؤذي المسلمين سواء كان من تين أو وسخ أو غير ذلك، ولا بد في الكلام من تقدير مضاف أي أجور أعمال أمتي، وأجر القذاة أي أجر إخراج القذاة، إما بالجر وحتى بمعنى إلى والتقدير: إلى إخراج القذاة، وعلى هذا قوله: (يخرجها الرجل من المسجد) جملة مستأنفة للبيان، وإما بالرفع عطفاً على أجور، فالقذاة مبتدأ ويخرجها خبره. وهذا إخبار بأن ما يخرجه الرجل من المسجد وإن قل فهو مأجور فيه؛ لأن فيه تنظيف بيت الله، ويفيد الحديث بمفهومه أن من الأوزار إدخال القذاة إلى المسجد، وفيه تنبيه بالأدنى على الأعلى؛ لأنه إذا كتب هذا القليل وعرض على نبيهم فيكتب الكبير ويعرض من باب الأولى. (فلم أرَ ذنباً) أي يترتب على نسيان. (أعظم من سورة) أي من ذنب نسيان سورة كائنة. (من القرآن) فإن قلت: هذا مناف لما مر في باب الكبائر، قلت: إن سلم أن أعظم وأكبر مترادفان، فالوعيد على النسيان لأجل أن مدار هذه الشريعة على القرآن، فنسيانه كالسعي في الإخلال بها. فإن قلت: النسيان لا يؤاخذ به، قلت: المراد تركها عمداً إلى أن يفضي إلى النسيان، وقيل: المعنى أعظم من الذنوب الصغار إن لم تكن عن استخفاف وقلة تعظيم، كذا في الأزهار شرح المصابيح. (أو آية) أو للتنويع. (أوتيها رجل) أي تعلمها أو حفظها عن ظهر قلب. (ثم نسيها) قال الطيبي: إنما قال: أوتيها دون حفظها، إشعاراً بأنها كانت نعمة جسيمة أولاها الله ليشكرها، فلما

<<  <  ج: ص:  >  >>