٧٣٦- (٤٣) وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا. قيل: يارسول الله! وما رياض الجنة؟ قال: المساجد. قيل: وما الرتع؟ يارسول الله! قال: سبحان الله، والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)) رواه الترمذي.
ــ
ويعقوب بن سفيان، والترمذي، ويعقوب بن شيبة، وإسحاق الحربي، وغيرهم. فالحديث لا ينحط عن درجة الحسن.
٧٣٦- قوله:(إذا مررتم برياض الجنة) جمع روضة وهي أرض مخضرة بأنواع النبات (فارتعوا) من رتعت الماشية رتعا ورتوعا من باب نفع. رعت كيف شاءت. قال في القاموس: رتع كمنع، أكل وشرب ما شاء في خصب وسعة، أو هو الأكل والشرب رغداً في الريف. وتلخيص الحديث: إذا مررتم بالمساجد قولوا هذه الأذكار، فلما وضع رياض الجنة موضع المساجد بناء على أن العبادة فيها سبب للحلول في رياض الجنة روعيت المناسبة لفظاً ومعنى، فوضع الرتع موضع القول، أي: استعير للعوض في الأذكار الواقعة فيها، لأن هذا القول سبب لنيل الثواب الجزيل. والرتع هنا كما في قول إخوة يوسف {يرتع ويلعب}[١٢:١٢] وهو أن يتسع في أكل الفواكه والمستلذات والخروج إلى التنزه في الأرباف والمياه كما هو عادة الناس إذا خرجوا إلى الرياض والبساتين، ثم اتسع واستعمل في الفوز بالثواب الجزيل والأجر الجميل (قيل: يارسول الله) السائل في الفصلين هو أبوهريرة راوي الحديث وهو صريح في كتاب الترمذي (وما رياض الجنة؟ قال: المساجد) وفي حديث أنس عند أحمد والترمذي: حلق الذكر. ولا منافاة بينهما لأنها تصدق بالمساجد وغيرها فهي أعم، وخصت المساجد هنا لأنها أفضل، قاله القاري. وفسر في حديث ابن عباس عند الطبراني في الكبير بمجالس العلم. قال الشوكاني: لا مخالفة بين هذه الأحاديث، فرياض الجنة تطلق على حلق الذكر، ومجالس العلم، والمساجد، ولا مانع من ذلك-انتهى. وقيل: اختلف الجواب في تفسير الرتع باختلاف أحوال السائلين، فرأى أن الأولى بحال سائل حلق العلم، وبحال سائل آخر حلق الذكر، ولهذا قال العلقمي: المراد من هذه الأحاديث في تفسير الرتع مناسبة كل شخص بما يليق به من أنواع العبادة (وما الرتع؟) بسكون المثناة الفوقية (يارسول الله! قال: سبحان الله) إلخ. لا يخفى أن الرتع ليس منحصراً في هذه الأذكار، بل المقصود هذه وأمثالها من الباقيات الصالحات التي هي سبب وصول الروضات، ورفع الدرجات العالية، وهذا لأن في قوله "حلق الذكر" في حديث أنس و"مجالس الذكر" في حديث جابر عند أبي يعلى، والبزار، والطبراني، والحاكم، والبيهقي إشارة إلى أن كل ذكر رتع، وإنما خصت الكلمات المذكورة بالذكر لأن الباقيات الصالحات في الآية مفسر بها. ولحديث "إنها أحب الكلام إلى الله" أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه من حديث سمرة بن جندب (رواه الترمذي) في الدعوات وغربه، وفي سنده حميد المكي، وهو مجهول، لكن له شواهد ترتقى بها إلى الصحة أو الحسن.