٧٤٤- (٥١) وعن ابن عمر، قال:((نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يصلي في سبعة مواطن: في المزيلة،
والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، وفي الحمام، وفي معاطن الإبل،
ــ
يزعم الترمذي ثم البيهقي أن الثوري رواه مرسلاً في حين أن روايته موصولة أيضا، ثم الذي وصله عن الثوري هو يزيد ابن هارون، وهو حجة حافظ، وأنا لم أجده مرسلاً من رواية الثوري، إنما رأيته كذلك من رواية سفيان بن عيينة فلعله أشتبه عليهم سفيان بسفيان، ثم ماذا يضر في إسناد الحديث أن يرسله الثوري أو ابن عينه إذا كان مرويا بأسانيد أخرى صحاح موصولة، المفهوم في مثل هذا أن يكون المرسل شاهدا للمسند ومؤيدا له. وقد ورد من طريق أخرى ترفع الشك، وتؤيد من رواه موصولا، وهي في المستدرك للحاكم من طريق بشر بن المفضل: ثنا عمارة بن غزية، عن يحيى بن عمارة الأنصاري- وهو والد عمرو بن يحي- عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً. ولذلك قال الحاكم بعد أن رواه بهذه الطريق، ومن طريق عبد الواحد بن زياد والدراوردي كلهم عن عمرو، عن أبيه: هذه الأسانيد كلها صحيحة على شرط البخاري ومسلم، ووافقه الذهبي، وقد صدقا. ثم إن رواية سفيان بن عينية المرسلة ليست قولا واحدا بالإرسال، بل هي تدل على أنهم كانوا يروونه تارة بالإرسال وتارة بالوصل، لأن الشافعي بعد أن رواه عنه مرسلاً قال: وجدت هذا الحديث في كتابي في موضعين: أحدهما منقطع والآخر عن أبي سعيد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى. وهذا عندي قوة للحديث لا علة له- انتهى كلام الشيخ. وقال صاحب الإمام: حاصل ما علل به الإرسال، وإذا كان الواصل له ثقة فهو مقبول، وله شواهد: منها حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: نهى عن الصلاة في المقبرة، أخرجه ابن حبان. ومنها حديث علي: إن حبي نهاني أن أصلي في المقبرة، أخرجه أبوداود.
٧٤٤- قوله: (أن يصلي) على بناء المفعول (في المزبلة) بفتح الباء، وقيل: بضمها، الموضع الذي يكون فيه الزبل وهو السرجين، ومثله سائر النجاسات، أي: وإن وجد فيها موضع خال عن الزبل، أو بسط عليها بساط في المكان اليبس، لأن في ذلك استخفافاً بأمر الدين لأن من حق الصلاة أن تؤدي في الأمكنة النظيفة، والبقاع المحترمة، وكذلك المجزرة لأنها مسفح الدماء، وملقى القاذورات، وكذلك القول في الحمام لأنه مكتثر الأوساخ، ومجتمع الغسالات، ثم إنه محل تعرى الأبدان عن اللباس (والمجزرة) بفتح الميم والزاي تفتح وتكسر: الموضع الذي تجزر فيه الحيوانات أي: تنحر وتذبح (والمقبرة) قيل: لأن فيها اتخاذ القبور مساجد استناناً بسنة اليهود (وقارعة الطريق) الإضافة بيانية، أي: الطريق الذي يقرعها الناس بأرجلهم أي: يدقونها ويمرون عليها. وقيل: هي وسطها أو أعلاها، والمراد هنا نفس الطريق، وكأن القارعة بمعنى المقروعة أو الصيغة للنسبة أي: ذات قرع، وإنما نهى عن الصلاة فيها لإشغال القلب بمرور الناس، وتضييق المكان عليهم، وإيقاعهم في الإسم إن مروا بلا ضرورة، وإيقاع نفسه فيه لو كان لهم ضرورة (وفي معاطن الإبل) جمع معطن بكسر الطاء، وهو وطن الإبل ومبركها حول الحوض كالعطن- محركة- وجمعه أعطان، وكذا الحكم في سائر مباركها ومواطنها، فقد ورد النهي بلفظ"مزابل الإبل" وفي لفظ"مزابل الإبلي" وفي أخرى"مناخ الإبل" وهي أعم من معاطن الإبل. وقد ورد