للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه، ولكن بين ذلك. وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً. وكان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالساً. وكان يقول في كل ركعتين التحية. وكان يفرش رجله اليسرى، وينصب رجله اليمنى.

ــ

ثم يقرأ السورة، وذلك لا يمنع تقديم دعاء الاستفتاح، فإنه لا يسمى في العرف قراءة، ولا يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة؛ لأن المراد أنه يبدأ بقراءة أم القرآن قبل ما يقرأ ما بعدها، لا أنه يبدأ في القراءة بلفظ "الحمد لله"، وبهذا ظهر الرد على من تمسك بالحديث على مشروعية ترك الجهر بالبسملة في الصلاة، فإن المراد بذلك كما قلنا اسم السورة، لكن نوقش ذلك بأنه لو كان المراد اسم السورة لقالت عائشة: بالحمد؛ لأنه وحده هو الاسم. ورد بما ثبت عند أبي داود من حديث أبي هريرة مرفوعاً: الحمد لله رب العالمين، أم القرآن، وأم الكتاب، والسبع المثاني. وبما عند البخاري من حديث سعيد بن المعلى: الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني. فهو ظاهر أو نص في أن الفاتحة تسمى بهذا المجموع الذي هو "الحمد لله رب العالمين"، ويمكن الجواب عن ذلك التمسك أيضاً بأنها ذكرت أول آية من الآيات التي تخص السورة وتركت البسملة؛ لأنها مشتركة بينها وبين غيرها من السور، وسيأتي مزيد الكلام في شرح حديث أنس في باب القراءة في الصلاة. (لم يشخص) من باب الإفعال أو التفعيل أي لم يرفع (ولم يصوبه) أي لم ينكسه من التصويب وهو الإنزال من أعلى إلى أسفل، ومنه الصيب المطر، صاب يصوب إذا نزل. أي لم يخفضه خفضاً بليغاً بل بين الخفض والرفع، وهو التسوية. (ولكن بين ذلك) أي بين المذكور من الإشخاص والتصويب، بحيث يستوي ظهره وعنقه كالصفحة الواحدة. (وكان إذا رفع رأسه من السجدة) أي الأولى، وفي بعض النسخ من السجود (لم يسجد) الثانية (حتى يستوي) أي يعتدل بين السجدتين (جالساً) تقدم الكلام على الجلوس بين السجدتين وكذا القومة. (وكان يقول في كل ركعتين) أي بعدهما (التحية) بالنصب. وقيل بالرفع، والمراد بها الثناء المعروف بالتحيات لله الآتي لفظه في حديث ابن مسعود، وسمى هذا الذكر تحية وتشهداً لاشتماله عليهما، أي على التحية وهو الثناء الحسن وعلى التشهد لاشتماله على الشهادتين، فهو من باب إطلاق اسم الجزء على الكل، وفيه مشروعية التشهد الأوسط والأخير، ولا يدل على الوجوب؛ لأنه فعل، إلا أن يقال: إنه بيان لإجمال الصلاة في القرآن المأمور بها وجوباً، والأفعال لبيان الواجب واجبة. أو يقال بإيجاب أفعال الصلاة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وفي الاستدلالين بحث بسطه ابن دقيق العيد فارجع إليه. واستدل على الوجوب أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل التحيات لله-الحديث. والأمر للوجوب. (وكان يفرش) بكسر الراء وضمها (وينصب) بفتح الياء وكسر الصاد (رجله اليمنى) أي يضع أصابعها على الأرض ويرفع عقبها. واستدل به من قال بمشروعية النصب والفرش في التشهدين جميعاً. ووجهه الإطلاق وعدم التقييد في مقام التصدي لوصف صلاته - صلى الله عليه وسلم - لا سيما بعد وصفها للذكر المشروع في كل ركعتين، وتعقيب ذلك بذكر هيئة الجلوس، لكن حديث أبي حميد التالي قد فرق بين الجلوسين فجعل هذا صفة الجلوس بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>