يرفع يديه في التكبير"، ليس فيه: "ثم لا يعود"، والظاهر أن ما رواه الحسن بن عياش عن ابن أبجر عن ابن عدي، وما رواه الثوري عن ابن عدي كليهما في محل الرفع. وقد قال الحافظ في الدراية (ص٨٥) بعد ذكر الروايتين: وقد رواه الثوري وهو المحفوظ. والثالث: أن هذا الأثر معارض بما رواه طاووس عن ابن عمر أن عمر كان يرفع يديه في الركوع وعند الرفع منه. قال الزيلعي في نصب الراية: اعترضه الحاكم بأن هذه رواية شاذة لا يقوم بها حجة، ولا تعارض بها الأخبار الصحيحة عن طاووس بن كيسان عن ابن عمر، أن عمر كان يرفع يديه في الركوع وعند الرفع منه. والرابع: أنه لو سلم أن أثر عمر هذا صحيح فلا يدل على النسخ، بل غاية ما يدل عليه هو أن الرفع فيهما لم يكن سنة لازمة عند عمر، بل كان مستحباً عنده. قال الشاه ولي الله الدهلوي في إزالة الخفاء: أبوبكر عن الأسود: صليت مع عمر، فلم يرفع يديه في شيء من صلاته إلا حين افتتح الصلاة. قلت تكلم الشافعية والحنفية في ترجيح الروايات، كل على حسب مذهبه، والأوجه عندي أن عمر رأى رفع اليدين عند الركوع والقومة منه مستحباً، فكان يفعل تارة ويترك أخرى، كما بين هو بنفسه في سجود التلاوة- انتهى. ومنها أثر علي، روى الطحاوي وابن أبي شيبة والبيهقي عن عاصم بن كليب، عن أبيه: أن علياً كان يرفع يديه في أول تكبيرة من الصلاة، ثم لا يرفع بعد. قال الزيلعي: هو أثر صحيح، وقال العيني: إسناده صحيح على شرط مسلم. وقال الطحاوي بعد روايته: لم يكن علي ليرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع ثم يتركه إلا وقد ثبت عنده نسخه- انتهى. قلت: في كون هذا الأثر صحيحاً نظر؛ لأنه انفرد به عاصم بن كليب، وقال ابن المديني: لا يحتج بما انفرد به. وقال عبد الرحمن بن مهدي: ذكرت للثوري حديث النهشلي عن عاصم بن كليب فأنكره، ذكره البخاري في جزء رفع اليدين. ولو سلم أن أثر علي هذا صحيح لم يكن فيه دليل على نسخ الرفع. قال الشيخ عبد الحي اللكنوي في تعليقه على موطأ محمد بعد ذكر قول الطحاوي المتقدم: فيه نظر، فقد يجوز أن يكون ترك علي، وكذا ترك ابن مسعود، وترك غيرهما من الصحابة إن ثبت؛ لأنهم لم يروا الرفع سنة مؤكدة يلزم الأخذ بها، ولا ينحصر ذلك في النسخ، بل لا يجترئ بنسخ أمر ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمجرد حسن الظن بالصحابي مع إمكان الجمع بين فعل الرسول وفعله- انتهى. ومنها أثر أبي سعيد الخدري، روى البيهقي، عن سوار بن مصعب، عن عطية العوفي، أن أباسعيد الخدري وابن عمر كانا يرفعان أيديهما أول ما يكبران ثم لا يعودان. قلت: قال البيهقي: قال الحاكم: عطية سيء الحال، وسوار أسوأ منه. وقال البخاري: سوار بن مصعب منكر الحديث. وعن ابن معين أنه غير محتج به- كذا في نصب الراية (ج١: ص٤٠٦) . ثم هذا الأثر يعارضه ما رواه البيهقي عن عطاء، قال: رأيت جابر بن عبد الله وابن عمر، وأباسعيد وابن عباس وابن الزبير وأباهريرة يرفعون أيديهم إذا افتتحوا الصلاة، وإذا ركعوا، وإذا رفعوا. وفيه ليث بن أبي سليم وهو مختلف فيه. ومنها أثر ابن مسعود، روى الطحاوي عن إبراهيم النخعي، قال: كان عبد الله بن مسعود لا يرفع يديه في شيء من الصلوات إلا في الافتتاح. قلت: أثر ابن مسعود