مرفوعاً من طريق عبد الأعلى عن عبيد الله بن عمر ثم استشهاده بروايتي حماد بن سلمة وابن طهمان عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر يدل على أن الصحيح عنده في رواية نافع هو الرفع. وأما أبوداود فقد صحح وقفه، ولا يخفى أن القول قول البخاري. وثانيها: ما قال ابن عبد البر في التمهيد: أن هذا الحديث أحد الأحاديث الأربعة التي رفعها سالم عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ووقفها نافع عن ابن عمر، والقول فيها قول سالم، ولم يلتفت الناس فيها إلى نافع، ذكره الزيلعي في نصب الراية (ج١: ص٤٠٧) . وثالثها: أنه إذا وقع الاختلاف بين الرواة في الرفع والوقف فالقول قول من رفعه؛ لأن الرفع زيادة ثقة وهي مقبولة إلا إن ظهرت قرينة تدل على أنها وهم من الراوي فحينئذٍ لا تقبل، وههنا لم تقم قرينة على كون زيادة الرفع وهماً، ولذلك اتفق المحدثون على قبولها والاحتجاج بها. قال السيوطي في التدريب (ص٧٦) : إذا روى بعض الثقات الضابطين الحديث مرسلاً وبعضهم متصلاً، أو بعضهم موقوفاً وبعضهم مرفوعاً، أو وصله هو أو رفعه في وقت، وأرسله ووقفه في وقت آخر، فالصحيح عند أهل الحديث والفقة والأصول أن الحكم لمن وصله أو رفعه، سواء كان المخالف له مثله في الحفظ والإتقان أو أكثر منه؛ لأن ذلك أي الرفع والوصل زيادة ثقة وهي مقبولة ... الخ. وقال أبوبكر الخطيب: اختلاف الروايتين في الرفع لا يؤثر في الحديث ضعفاً، وهو مذهب أهل الأصول؛ لأن إحدى الروايتين ليست مكذبة للأخرى، والأخذ بالمرفوع أخذ بالزيادة، وهي واجبة القبول-انتهى. وأما الجمع فهو ظاهر، فإنه يقال: إن ابن عمر رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه في هذه المواضع فعمل وأفتى بما رأى؛ فروى سالم ومحارب بن دثار مشاهدته، أي المرفوع من حديثه، وروى نافع مرة المرفوع وأخرى الموقوف أي عمله وفتياه أي رميه بالحصى من لا يرفع يديه. قال الماوردي: لا تعارض بين ما ورد مرفوعاً مرة وموقوفاً على الصحابي أخرى؛ لأنه يكون قد رواه وأفتى به. وأما الاختلاف الثاني فالراجح فيه رواية من ذكر الرفع في المواضع الأربعة، وأما ما عداها من الروايات التي فيها ذكر الرفع عند السجدة، أو في كل خفض ورفع، وبين السجدتين والركعتين، فلم يصح منها شيء، ففي رواية البخاري في جزئه عبد الله بن عمر العمري، وهو ضعيف من قبل حفظه. ورواية الطبراني وإن صحح الهيثمي إسنادها لكن لا يطمئن القلب بتصحيحه؛ لأن له أوهاماً في كتابه، على أن صحة السند لا يستلزم صحة المتن كما تقرر في موضعه، فرواية الطبراني هذه شاذة؛ لأنها مخالفة لما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر مرفوعاً: ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود. وفي رواية: ولا يفعل ذلك في السجود. قال الحافظ: أي في الهوي إليه ولا في الرفع منه-انتهى. ومن المعلوم أن الترجيح عند التعارض للبخاري، وأنه لا يعل الراجح بالمرجوح، ورواية الطحاوي في مشكله أيضاً شاذة، وقد بين الحافظ شذوذها في الفتح (ج٣: ص٤٠٦) فارجع إليه. وقال العراقي في التقريب: ذكر الطحاوي أن هذه الرواية شاذة، وصححها ابن القطان ثم قال: وصحح ابن حزم