أيضاً ليس مما يطعن في حديثه لأجله. قال البيهقي في كتاب المعرفة: أما تضعيف الطحاوي لعبد الحميد فمردود بأن يحيى بن معين وثقه في جميع الروايات عنه. وكذلك أحمد بن حنبل، واحتج به مسلم في صحيحه- انتهى. فقد ظهر بهذا كله أن توثيق عبد الحميد بن جعفر هو الحق والصواب؛ لأنه اتفق أئمة الجرح والتعديل كأحمد، وابن معين، وابن المديني، وابن سعد، وغيرهم على توثيقه إلا الثوري، ولا وجه لطعنه فيه. واختلف فيه قول يحيى بن سعيد القطان. الوجه الثاني أن الحديث منقطع؛ لأنه لم يسمعه محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد، ولا من أحد ذكر مع أبي حميد. وذكر محمد بن عمرو في الحديث أنه حضر أبا قتادة، وسنه لا يحتمل ذلك، فإن أبا قتادة قتل مع علي وصلى عليه علي. قال الحافظ في الفتح (ج٤: ص٤٤٩) : زعم ابن القطان تبعاً للطحاوي أنه غير متصل لأمرين: أحدهما أن عيسى بن عبد الله رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء فأدخل بينه وبين الصحابة عباس بن سهل. أخرجه أبوداود وغيره. وثانيهما أن في بعض طرقه تسمية أبي قتادة في الصحابة المذكورين، وأبوقتادة قديم الموت يصغر سن محمد بن عمرو بن عطاء عن إدراكه. والجواب عن ذلك: أما الأول فلا يضر الثقة المصرح بسماعه أن يدخل بينه وبين شيخه واسطة إما لزيادة في الحديث وإما ليثبت فيه. وقد صرح محمد بن عمرو المذكور بسماعه، فتكون رواية عيسى عنه من المزيد في متصل الأسانيد. وأما الثاني فالمعتمد فيه قول بعض أهل التاريخ إن أبا قتادة مات في خلافة علي، وصلى عليه علي، وكان قتل على سنة أربعين، وإن محمد بن عمرو بن عطاء مات بعد سنة عشرين ومائة، وله نيف وثمانون سنة، فعلى هذا لم يدرك أبا قتادة. والجواب أن أبا قتادة اختلف في وقت موته، فقيل: مات سنة أربع وخمسين، وعلى هذا فلقاء محمد له ممكن، وعلى الأول فلعل من ذكر مقدار عمره ووقت وفاته وهم، أو الذي سمى أبا قتادة في الصحابة المذكورين وهِمَ في تسميته، ولا يلزم من ذلك أن يكون الحديث الذي رواه غلطاً؛ لأن غيره ممن رواه معه عن محمد بن عمرو بن عطاء أو عن عباس ابن سهل قد وافقه- انتهى. وقال البيهقي: أما ما ذكر من انقطاعه فليس كذلك، فقد حكم البخاري في تاريخه بأنه سمع أباحميد، وأبا قتادة، وابن عباس. وقوله:"إن أبا قتادة قتل مع على" رواية شاذة رواها الشعبي، والصحيح الذي أجمع أهل التاريخ أنه بقي إلى سنة أربع وخمسين، ونقله عن الترمذي، والواقدي، والليث، وابن مندة في الصحابة، وأطال فيه، كذا في نصب الراية (ج١: ص٤١٢، ٤١١) ولفظ البيهقي في معرفة السنن: واستشهاده على ذلك بوفاة أبي قتادة قبله خطأ؛ لأنه إنما رواه موسى بن عبد الله بن يزيد أن علياً صلى على أبي قتادة فكبر عليه سبعاً، وكان بدرياً. ورواه أيضاً الشعبي منقطعاً، وقال: فكبر عليه ستاً. وهو غلط لإجماع التواريخ على أباقتادة الحارث بن ربعي بقي إلى سنة أربع وخمسين، وقيل: بعدها، إلخ. وفي تهذيب التهذيب (ج١٢: ص٢٠٤) : قال الواقدي: توفي أبوقتادة بالكوفة سنة أربع وخمسين، وهو ابن سبعين سنة. ولم أر بين علمائنا اختلافاً في ذاك. قال وروى أهل الكوفة أنه مات بالكوفة