٨٠٩- (١٤) وعن قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال:((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه.
ــ
وائل هذا يؤيد ما تقدم من الشافعي في الجمع بين الروايات، وقد مر كلام السندي أنه لا حاجة إلى الجمع لعدم التناقض والمنافاة بين الأفعال المختلفة، لجواز وقوع الكل في أوقات متعددة، فيكون الكل سنة.
٨٠٩- قوله: (وعن قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة (بن هلب) بضم الهاء وسكون اللام، هكذا ضبط المحدثون. وضبط اللغويون بفتح الهاء وكسر اللام بوزن كتف، وهو الذي نص عليه ابن دريد في الاشتقاق (ص٢٧٣) وعلله بأن الهلب- بالضم- هو الشعر. وقال: الهلب رجل كان أصلع فمسح النبي - صلى الله عليه وسلم - يده على رأسه فنبت شعره، فسمي الهلب. وقول اللغويين هو الذي صوبه الفيروز آبادي (صاحب القاموس) ورجح شارحه ما قاله المحدثون. وقال: لأنه من باب تسمية العادل بالعدل مبالغة خصوصاً، وقد ثبت النقل وهم العمدة. قال الشيخ أحمد محمد شاكر في تعليقه على الترمذي (ج٢: ص٣٢) : وهذا هو الصحيح- انتهى. وقبيصة هذا طائي كوفي. قال ابن المديني والنسائي: مجهول. وذكر مسلم في الوحدان، وابن المدني أنه لم يرو عنه غير سماك بن حرب. وقال العجلي: تابعي ثقة. وذكره ابن حبان في الثقات. وقال الحافظ في التقريب: مقبول من أوساط التابعين. (عن أبيه) أي هلب الطائي. ويقال إن هلبا لقب غلب عليه، واسمه يزيد بن عدي بن قنافة الطائي، صحابي وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أقرع فمسح رأسه فنبت شعره، سكن الكوفة، وذكره ابن سعد في طبقة مسلمة الفتح. قال ابن دريد: كان أقرع فصار أفرع يعني كان بالقاف فصار بالفاء، والأهلب الكثير الشعر. له هذا الحديث فقط. (فيأخذ شماله بيمينه) أي ويضعهما على صدره، فعند أحمد من طريق يحيى بن سعيد القطان عن سفيان عن سماك عن قبيصة بن هلب عن أبيه: ورأيته يضع هذه على صدره، وصف يحيى (بن سعيد) اليمنى على اليسرى فوق المفصل. وهذا إسناد حسن، وزيادة "على صدره" زيادة ثقة، فيجب قبولها. قال شيخنا في أبكار المنن: يحيى بن سعيد القطان ثقة حافظ متقن، وزيادته "على صدره" ليست منافية لرواية غيره من أصحاب سفيان عن سماك، فهي مقبولة عند المحققين. قال السندي في حاشية ابن ماجه: قوله: "فيأخذ شماله بيمينه" وقد جاء حديث قبيصة بن هلب في مسند أحمد قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضع يده على صدره ويأخذ شماله بيمينه. وقد جاء في صحيح ابن خزيمة عن وائل بن حجر، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره. وقد روى أبوداود عن طاؤس، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضع يده اليمنى على يده اليسرى ثم يشد بهما على صدره وهو في الصلاة. وهذا الحديث وإن كان مرسلاً لكن المرسل حجة عند الكل. وبالجملة فكما صح أن الوضع هو السنة دون الإرسال ثبت أن محله الصدر لا غير. وأما حديث "إن من السنة وضع الأكف على الأكف في الصلاة تحت السرة" فقد اتفقوا على ضعفه. كذا ذكره ابن الهمام نقلاً عن النووي، وسكت عليه- انتهى