حجة على القدرية واضحة لو أنصفوا ولم يكابروا لحجتين:
إحداهما، قوله:(وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ) ، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) وعوده له بعد بدء ما أصابك من حسنة، وما أصابك من سيئة " فكيف يقدر المرء أن يحترز مما يصيبه، وقد كرره جل وتعالى مرة بعد أخرى، ولم يقل: ما أصبت، فهذه إحدى الحجتين.
والأخرى: أنه قد قال جل وعز: (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) تكذيبا لقولهم فيما فرقوا بين الإصابتين، فمحال أن ينقضه على إثر النكير والتكذيب، فيقول: الحسنة من عندي، والسيئة من نفسك.
هذا ما لا يذهب على ذي حجي إذا تدبره، وكثير من أهل نحلتنا يزعمون: أن في قوله: (مَا أَصَابَكَ) ضمير " يقولون " وهو كما قالوا، إن شاء الله، كأنه قال:(فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (٧٨) مَا أَصَابَكَ)