للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك وهو يملكهم ولا يملكونه، خلقهم كيف أراد بجميع صفاتهم وآلاتهم وهو في جميع صنيعه فيهم وفي غيرهم عدل، عقل الخليقة عدله أم لم يعقلوه. فهذا واضح لا لبسة فيه لمن شرح الله صدره ولم يكابر عقله.

* * *

وقوله: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا)

حجة عليهم شديدة إذ الجعل إن كان بمعنى الخلق، فقد أخبر نصا بلا تأويل أنه خلقهم مجرمين للمكر.

وإن كان بمعنى الصيرورة: فقد أخبر أنه مصيرهم كذلك، ثم نسب الإجرام الذي خلقه فيهم إليهم وأوعدهم عليه في آية واحدة فقال: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (١٢٤)) .

تم وصل الآية بأخرى ذكر فيها إرادته في الهداية والإضلال فقال: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (١٢٥)

فأزال كل ريب يرتابون به فإن كانوا يريدون تثبيت مقالتهم بالقرآن فالقرآن هذا سبيله يكذبهم كما ترى ومنزله يفعل بهم ما فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>