تنسبون إليه شيئا فعله بآلة مجهولة فيه لا بقدرة وسلطان،
ولو قالوا: إن الله - تبارك وتعالى - قضى الخير والشر معا، وجعل
أوفر الحظ من الشر للشيطان يغوي به من حقت عليه كلمته بإذن الله: خرج كلامهم صحيحا، وتخلصوا من الدواخيل والتأويلات المستكرهة، لأن السلطان والإرادة والخلق كان يكون مسلما لله والشيطان في البين واسطته يسلطه على من أراد تضليله بعدله، معصوما منه من أراد هدايته بفضله.
وبعد فلو كان الشيطان متسلطا بغير آلة غير مسلط بقضاء - ومعاذ الله
أن يكون كذلك - لكان علمه به قبل خلقه أنه سيتسلط ويغوي، فخلقه على ذلك لا ينجيهم من كسر قولهم، فكيف وهو يقوله في كتابه:(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (٦٤)