حجة عليهم قاطعة لكل شبهة؛ إذ قد جمع تبارك وتعالى بين تزيين العمل لهم، وإنبائهم به في الآخرة في آن واحد. فكيف يرتاب من أنصف من نفسه بعد هذا أنه عدل في الحالتين معا، ثم أكده بعد ذلك بقوله: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا)
ثم قوله على إثر ذلك كله:(وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (١١١)
أو ليس بجعله - جل وعلا - من أقسم به أن يؤمن بآية واحدة - وهو
لا يقدر مع كل هذه الآيات على الإيمان إلا بمشيئته - دليل على من ارتاب بعد ما تبين من هذا البيان الذي لا يشكل على إنسان أكثر جهلا وأشد مكابرة.
ولو لم يكن من الحجة عليهم إلا أنفسهم حيث يلجئون في الإصرار على خطأ يضح هذا الوضوح ولا يتركونه بل يجادلون عليه أشد جدال وينسبون ما خالفه إلى أمثل محال لكفى.