فمن دان الله من المميزين بشيء لا يستطيع أن يتلو فيه قرآنا ولا يروي
فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبرا صحيحا ولا اجتمع له عليه أهل ملته، إذ كلاهما مع القرآن مقبول بالقرآن لم يسلم من هنا الآية. قال الله وجل من قائل:(وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ)
وليس في هذا عند من أنصف واتقى الله برؤية وتمييز وقيعة في متقدم سلف ولا عالم خلف فنحن نعلم بل نشهد أن واحدا منهما لا يفتر على الله كذبا، ولكنه سالك في كل ما أحل وحرم إما سبيل نص أو تأويل.
فما سلك فيه نصا لا يتعذر على المميز الوصول إليه، وما سلك به تأويله فهو مصيب عند نفسه، محمود على صوابه، معذور بخطائه عند ربه غير قادر على أكثر مما فعله واجتهد في طلبه، فعلى المميز أن يشهد بفضله ويعرف قدمته وسابقته ولا يعول على نظره في اجتهاده كما عول في اتباع النص الذي يستوي كل في إصابته، وكل آمن من خطأ يلحقه فيه.
والمجتهد نفسه السابق إنما ما حكم فيه باجتهاده لا يقدر أن يشهد على
الله بما أداه إليه اجتهاده فكيف يقلد "
ولو كان الحاكم باجتهاده يصيب حقيقة الحق لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -