للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزيين الشيطان:

وقد مضى قولنا في تزيين الشيطان قبل هذا في سورة الأنعام بما يغني عن إعادته في هذا الموضع غير أن في قوله: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ)

إلى قوله: (وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤٨)

زيادة لم نذكرها هناك وهي أنهم يجعلون الشر من الشيطان على الحقيقة بقوة وسلطان له فيه، وقد أنبأ الشيطان عن نفسه في هذا الموضع بأنه لا يقدر على ضر أحد ولا نفعه، وأن تزيينه غرور، وقوله كذب لا حقيقة.

فإن كانوا يزعمون أن تزيين الشر قد يكون من الشيطان، لا أن نفس

الشر منه فنحن لا نخالفهم، بعد أن لا يقولوا: إنه منفرد به؛ إذ لا يصلح أن يفرد بهذا الفعل، وقد قال الله - تبارك وتعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ (٤) .

فإن زعموا أن حقيقة الشر منه فأمحل الحال أن ينسب إليه ما هو متبرئ منه، مع أنه ليس يعجب منهم أن يكذبوا على الشيطان وقد كذبوا على الله.

ومثل هذا قوله في سورة إبراهيم: (وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>