للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له من خير أو شر، وعلم ذلك مخزون عنهم ومنفرد به من خلقهم، فمن زاحمه فيه تقدم إلى الباطل على بصيرة، وقد حرص موسى بن عمران، صلى الله عليه وسلم، على تعرف ذلك، وسأل عيسى بن مريم، صلى الله عليه وسلم، ربه، فمنعا، صلى الله عليهما وسلم، وألح فيه عزير فمحى الله اسمه من النبوة، ومع ذلك


(٣) ذكر إلحاح العزير في السؤال عن القدر ومحو اسمه من النبوة وما تقدم من سؤال موسى عليه السلام، وعيسى عن القدر - الطبراني من طريق ميمون ابن مهران عن ابن عباس وهو بتمامه كما يلي:
عن ابن عباس قال: الما بعث الله موسى، عليه السلام، وأنزل عليه التوراة قال: اللهم، إنك رب عظيم، ولو شئت أن تطاع لأطعت، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى، فكيف هذا يارب، فأوحى الله إليه: أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون. فانتهى موسى.
فلما بعث الله عزيرا وأنزل عليه التوراة بعد ما كان رفعها عن بنى إسرائيل حتى قال من قال: إنه ابن الله قال: اللهم، إنك رب عظيم ولوشئت أن تطاع لأطعت، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى، فكيف يارب، فأوحى الله إليه له أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون. فأبت نفسه حتى سأل أيضا فقال: أتستطيع أن تصر صرة من الشمس، قال: لا. قال: أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح، قال: لا. قال: أفتستطيع أن تجيء بمثقال من نور، قال: لا.
قال أفتستطيع أن تجيء بقيراط من نور، قال: فهكذا إن لا تقدر على الذي سألت، إني لا أسال عما أفعل وهم يسألون، أما إني لا أجعل عقوبتك إلا أن أمحو اسمك
من الأنبياء فلا تذكر معهم. يمحى اسمه من الأنبياء فليس يذكر فيهم وهو نبي. فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته من ربه وعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، قال: اللهم، إنك رب عظيم، لو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى، فكيف هذا يا رب، فأوحى الله إليه: أني لا أسال عما أفعل وهم يسألون، وأنت عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتك إلى مريم وروح مني، خلقتك من تراب ثم قلت لك: كن، فكنت، لئن لم تنته ليفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك ... إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون. فجمع عيسى من تبعه وقال: القدر سر الله فلا تكلفوهم. اهـ
أورده الهيتمي في مجمع الزوائد (٧/ ١٩٩، ٢٠٠)
وقال: ( ... وفيه أبو يحيى القتال وهو ضعيف عند الجمهور، وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه في غيرها، ومصعب بن سوار لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وأورده السيوطي في الدر المنثور (٥/ ٦٢٢) وما بعدها.
وذكر سؤال عزير عن ذلك وحده ونهي الله له عن ذلك ثم عقوبته - الآجري في الشريعة ص (٢٣٦) ، واللالكائي في " أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة لا (٤/ ٧٢٧) ومابعدها، والبيهقي في الأسماء والصفات ص (٢٢١) .
وأشار إليه ابن كثير في قصص الأنبياء ص (٣٥٧) ثم قال (.. وهذا ضعيف منكرا وفي البداية والنهاية (٢/ ٤٢) وقال أيضا ( ... فهو منكر وفي صحته نظرا. وأورده السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٦٢٢) وعزاه لابن أبي حاتم والبيهقي. ولا شك أن هذا من أخبار بني إسرائيل التي أغنى الله أهل الإسلام عنها بما أنزل عليهم وشرعه على لسان رسوله.
قال الدكتور أحمد سعد حمدان في تعليقه على شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٧٢٨/٤) عند ذكر ما جاء عن العزير (.. ونحن نعتقد أن مثل هذه القصة باطلة لا تصح وذلك لعدة أمور: -
الأول: أن فيها إساءة إلى مقام الألوهية. وذلك لأن الله عز وجل عندما يختار أحدا من خلقه للرسالة أو النبوة فإنه يختار أفضل ذلك المجتمع في خلقه، وذلك لما في سابق علمه عز وجل عن خلقه، وهذا لم يتوفر في عزيرا حسب هذه الرواية، فيكون اختيار الله عز وجل لم يكن مصيبا تعالى الله وتقدس.
الثاني: أن هذا طعن في مقام الأنبياء أنفسهم، إذ أنهم كانوا أول من يعصي الله عز وجل، فإنه إذا نهاه الله عز وجل عن أمر ولم يمتثل ثم نهاه أخرى ولم ينته فإن ذلك عصيان بين، ثم هو بلادة حس لا تليق بعوام المؤمنين فكيف تكون في مصطفين أخيار؟!
الثالث: أنها تحمل في ثناياها هدم هذا البحث الذي قدمه المؤلف في إثبات القدر من أساسه، وذلك لأن اختيار الله عز وجل لعزير يعني أنه لا يعلم ما سيكون منه في المستقبل، فلما اختاره وظهر له عدم طاعته جرده من وصف النبوة) ثم قال ( ... وبهذا يتبين بطلان هذه القصة الإسرائيلية والتي تروى عن ابن بنت كعب الأحبار نوف البكالى ... ) إلخ كلامه فراجعه فإنه مفيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>