للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإمامة، ومن خالف في ذلك فهو مبتدع ضال.

لذا احذروا - عباد الله - مخالفة سبيل السلف إلى شواذِّ بعض الخلف في أبواب الدين ومنها هذا الباب العظيم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وإذا ذكروا نزاع المتأخرين لم يكن بمجرَّد ذلك أن يجعل هذه من مسائل الاجتهاد التي يكون كلُّ قول من تلك الأقوال سائغًا لم يُخالف إجماعًا؛ لأن كثيرًا من أصول المتأخرين محدَثٌ مبتدعٌ في الإسلام مسبوقٌ بإجماع السلفِ على خلافهِ، والنزاعُ الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعًا، كخلاف الخوارج والرافضة والقدرية والمرجئة ممن قد اشتهرت لهم أقوالٌ خالفوا فيها النصوصَ المستفيضة المعلومة وإجماعَ الصحابة» (١).

وإن مما يجب إدراكُه والإحاطة به أن الإخلالَ بأصل الإمامة سببٌ لفساد الدنيا والدين.

قال ابن عبدالبر: «لأن في منازعته والخروجِ عليه استبدالَ الأمن بالخوف؛ ولأن ذلك يحمل على هِراقِ الدماء، وشنِّ الغارات والفساد في الأرض، وذلك أعظمُ من الصَّبر على جَوره وفسقهِ، والأصولُ تشهدُ والعقلُ والدينُ أنَّ أعظَمَ المكروهَين أَولاهُما بالترك» (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف، وإن كان فيهم ظُلم، كما دلَّت على ذلك الأحاديثُ الصحيحة المستفيضة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الفساد في القتال


(١) مجموع الفتاوى (١٣/ ٢٦).
(٢) التمهيد (٢٣/ ٢٧٩).

<<  <   >  >>