للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد يقال إن هذا في حال التغلُّب؛ فإذا تغلَّب الحاكم المسلم ثبتَ الحكم له بما أنه مسلم، ولا يُنظَر لبقية الشروط - كما تقدم - (١).

وقال الكرماني: «فإن قلت: كيف يكون العبدُ واليًا وشرطُ الولاية الحرية؟ قلت: بأن يولِّيه بعضُ الأئمة أو يغلب على البلاد بشوكته» (٢).

الشبهة الرابعة عشرة:

روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ما يدلُّ على أنه يشترط للسمع والطاعة للحاكم أن يحكمَ بكتاب الله، فإذا لم يحكم بكتاب الله فلا سمعَ ولا طاعة، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحقٌّ على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا ويجيبوه إذا دعا» (٣).

وكشف هذه الشبهة:

إنَّ هذا الأثر لا يصح؛ فإن مصعب بن سعد لم يسمع من علي بن أبي طالب، كما قاله أبو زرعة (٤).

ثم لو صحَّ الأثر، لكان مفهومه معارضًا لمنطوقاتٍ كثيرة في السمع والطاعة للحاكم المسلم الفاسق العاصي، فالمنطوقُ مقدَّم على المفهوم؛ وهو محمولٌ على السمع والطاعة في غير معصية الله، كما أفاده ابن بطال (٥).


(١) (تقدم (ص: ٦٥).
(٢) شرح صحيح البخاري (٥/ ٧٦)، وانظر عمدة القاري شرح صحيح البخاري (٥/ ٢٢٨).
(٣) انظر: السنة للخلال (١/ ١٠٩)، وابن أبي شيبة (٦/ ٤١٨).
(٤) جامع التحصيل (ص: ٢٨٠).
(٥) شرح البخاري (٨/ ٢١٥).

<<  <   >  >>