أذكرهُ مختصرًا في هذه الاستهلالة: أنَّ الدكتور حاكمًا العبيسان لم يستطع أن ينقلَ عن عالمٍ واحد من علماء الأمة سلفًا له فيما يدَّعيه من الحرية، وهذا ليس غريبًا لأنها أشبه بالليبرالية منها بالإسلامية.
وبعد هذا إليك الاستدراكات على كتاب (الحرية والطوفان):
الاستدراك الأول:
قرر أن إقامة الدولة الإسلامية مرادٌ لذاته، مع قوله إنه مراد لغيره، فجعلها غايةً باعتبار، ووسيلةً باعتبار فقال:«وقد أكَّد القرآن ضرورة الدولة في آيات كثيرة كغايةٍ وهدف، كما في قوله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}[النور: ٥٥].
وكذلك أكَّد ضرورة الدولة كوسيلةٍ لغاية أخرى، كما قال تعالى:{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}[الحج: ٤١]» (١).
القولُ بأنَّ إقامة الدول الإسلامية غايةٌ ومقصدٌ لذاته غلوٌّ لا يدلُّ عليه دليل، بل هو مخالفٌ للأدلة وأقوال علماء الأمة، وقد استدلَّ بوعد الله بالاستخلاف، وهذا لا دلالة فيه ألبتة على أنَّ الاستخلاف غاية، فمن أين استنبط أن الوعد بأمرٍ يعدُّ مرادًا ومقصودًا لذاته؟!