للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأبوا عليه واحدةً منهن، وقالوا: لا بدَّ من قدومك على عبيد الله بن زياد فيرى فيكَ رأيه، فأبى أن يقدمَ عليه أبدًا، وقاتلَهُم دون ذلك، فقتلوه، -رحمه الله-» (١).

فدلَّ هذا على أنَّ الحسين -رضي الله عنه- يرى بيعةَ الفاسق كبقية أهلِ السُّنة، فإنه أرادَ بيعة يزيد بن معاوية لكنه قتل.

تنبيه:

ضلَّ في قتل الحسين طائفتان؛ طائفةٌ قالت: قُتلَ بحقٍّ؛ كما يستفاد من كلام ابن العربي المالكي (٢)، وطائفة قالت: إنَّه الإمام الذي يجبُ أن يُبايع.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وصار الناس في قتل الحسين -رضي الله عنه- ثلاثة أصناف: طرفَين ووسطًا، أحدُ الطرفين يقول: إنه قُتلَ بحقٍّ؛ فإنه أرادَ أن يشقَّ عصا المسلمين، ويفرِّق الجماعة، وقد ثبت في الصحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:

«مَنْ جاءكم وأمركُم على رجلٍ واحدٍ يريدُ أن يفرِّق جماعتكُم فاقتُلوه» (٣)، قالوا: والحسينُ جاء وأمرُ المسلمين على رجلٍ واحد، فأراد أن يفرِّقَ جماعتهم، وقال بعضُ هؤلاء: «هو أولُ خارجٍ خرجَ في الإسلام على ولاة الأمر، والطرف


(١) البداية والنهاية (٩/ ٢٤٢).
(٢) قال في العواصم من القواصم (ص: ٢٣٢): «وما خرجَ إليه أحدٌ إلَّا بتأويل، ولا قاتلوه إلَّا بما سمعوا من جدِّه المهيمن على الرسل، المخبر بفساد الحال، المحذِّر من الدخول في الفتن. وأقواله في ذلك كثيرة: منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّه ستكونُ هناتٌ وهَنات، فمَن أراد أن يفرِّق أمرَ هذه الأمة وهي جميعٌ فاضربوهُ بالسَّيف كائنًا من كان»، فما خرجَ الناسُ إلَّا بهذا وأمثاله؛ ولو أنَّ عظيمَها وابنَ عظيمها وشريفَها وابنَ شريفها الحسين وسِعَهُ بيتهُ أو ضَيعتُه أو إبله … » اهـ.
(٣) أخرجه مسلم (١٨٥٢).

<<  <   >  >>