للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة الثالثة والخمسون:

أن القول بالخروج على الحاكم قال به العلَّامة المعلمي إذ قال: «كان أبو حنيفة يستحبُّ أو يوجبُ الخروج على خلفاء بني العباس لما ظهر منهم من الظلم، ويرى قتالهم خيرًا من قتال الكفار، وأبو إسحاق ينكر ذلك، وكان أهل العلم مختلفين في ذلك فمَن كان يرى الخروج يراه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام بالحق، ومن كان يكرهه يرى أنه شقٌّ لعصا المسلمين وتفريقٌ لكلمتهم وتشتيتٌ لجماعتهم وتمزيقٌ لوحدتهم وشَغلٌ لهم بقتلِ بعضهِم بعضًا، فتهن قوتهم وتَقوى شوكةُ عدوِّهم وتتعطَّل ثغورهم، فيستولي عليها عدوُّهم …

هذا والنصوصُ التي يحتج بها المانعون من الخروج والمجيزون له معروفة، والمحقِّقون يَجمَعون بين ذلك بأنه إذا غلبَ على الظَّن أنَّ ما ينشأ عن الخروج من المفاسد أخفُّ جدًّا مما يغلب على الظن أنه يندفع به جازَ الخروجُ وإلَّا فلا. وهذا النظرُ قد يختلف فيه المجتهدان» (١).

وهذا هفوة وزلة من العلَّامة المعلمي لا يجوزُ أن يُتابع عليها، وبيانُ ذلك من أوجه:

الوجه الأول: ذكر أن في مسالة الخروج على الحاكم الفاسق الظالم قولين، وهذا خطأ مخالفٌ لإجماع أهل السنة - كما تقدم بيانه - (٢).


(١) التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (١/ ٢٨٨).
(٢) تقدم (ص: ٣٩).

<<  <   >  >>