للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكشف هذه الشبهة من وجهين:

الوجه الأول: أن من أخذَ الحكم بالانتخابات فقد أخذَها بالغلَبة والقهر، لكن ليس بالسَّيف وإنَّما بالكثرة، فهو حاكمٌ متغلِّب يُسمع ويُطاع له؛ كالذي أخذَها بطريقةٍ شرعية - كما تقدَّم بيان هذا - (١).

الوجه الثاني: إنَّ الأدلة والإجماعات بيَّنت اعتقادَ البيعة في أعناقنا لمن تغلَّب، ولم تفرِّق بين طريقةٍ وطريقة، وكذلك لم تشترط أن يكون الحاكم مستمرًّا لا يجدَّد له، ومن ادَّعى هذا لَزِمهُ الدليلُ الشرعي، وإلَّا أصبحت دعوى بلا برهان فلا يُلتفت إليها.

الشبهة الحادية والستون:

أنَّ الصبر على أذى السلطان إذا كان شخصيًّا فلا يلزم بخلاف إذا كان جماعيًّا، واستدل بما أخرج عبد الرزاق (٢) أن معاوية أرسلَ إلى عاملٍ له أن يأخذَ الوَهْطَ فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو فلبسَ سلاحهُ هو ومواليه وغِلْمَتهُ وقال: إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَنْ قُتل دون مالهِ مظلومًا فهو شهيد».

فكتبَ الأميرُ إلى معاوية أن قد تيسَّر للقتال، وقال إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «مَنْ قُتلَ دونَ مالهِ فهو شهيد» فكتبَ معاوية: «أنْ خَلِّ بينهُ وبينَ ماله».


(١) تقدم (ص: ٦٨).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (١٠/ ١١٥).

<<  <   >  >>