للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأصيل الثامن

صفة مناصحة ولاة الأمور المسلمين

إنَّ من خصائص ولاة الأمور المسلمين أنَّ نُصحَهم والإنكار عليهم لا يكون إلَّا أمامهم، فلا يصحُّ شرعًا خلفهم ووراءهم، وقد دلَّ على تقرير هذا الأصل عدة أدلة:

الدليل الأول:

قال أبو رقية تميم بن أوس الداري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الدينُ النصيحة، قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: للهِ ولكتابه ولرسوله ولأئمةِ المسلمين وعامتهم» (١).

وجه الدلالة: أنه -صلى الله عليه وسلم- غايرَ في النصيحة بين ولاة الأمور وبين غيرهم، فدلَّ على أن نُصحَهم يختلف عن غيرهم، وهذا مفهومٌ من صنيع الإمام ابن أبي عاصم في كتابه السُّنة فإنه لما ذكرَ حديثَ الدين النصيحة بوَّبَ بعد ذلك بقوله: «باب كيف نصيحةُ الرَّعية للولاة؟» (٢)، ثم ذكر حديث «مَنْ كان عندَهُ نصيحةٌ لذي سلطانٍ فلا يُبدِهِ علانية … ».

وقرر هذا أيضًا شيخنا العلامة المحقق محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- فقال: «ثم إنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام فرَّقَ بينهم وبين عامة المسلمين، فقال:

«أئمة المسلمين وعامتهم»، مما يدلُّ على أنَّ النصيحة للأئمة ليست كالنصيحة للعامة؛ لأنه يجبُ عند النصيحة للأئمة أن يُراعيَ الانسان مقامه، بحيث تكون


(١) أخرجه مسلم (٥٥).
(٢) السنة لابن أبي عاصم (٢/ ٥٢١).

<<  <   >  >>