للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستدراك الخامس والعشرون:

ذكر الدكتور حاكم العبيسان أنه مما يدلُّ على الحرية السياسية فعلُ الخوارج مع علي بن أبي طالب وفعلُه معهم، قال: «لقد خرجوا عن طاعته، وكانوا يطعنون فيه، وهو يخطب على المنبر، فكان لا يتعرَّض لهم، بل قال كلمته المشهورة التي أصبحت قاعدةً راسخة في التعامل مع الطَّوائف المخالفة في الفكر والرأي حيث قال: لهم علينا ثلاث؛ ألَّا نبدأَهُم بقتال ما لم يقاتلونا، وألَّا نمنعَهُم مساجد الله أن يذكروا فيها اسمَهُ، وألَّا نحرِمَهُم من الفيء ما دامت أيديهم مع أيدينا (١).

ثم اشترطَ مقابل ذلك عليهم فقال: على أن لا تسفكوا دمًا حرامًا، ولا تقطعوا سبيلًا، ولا تظلموا ذميًّا.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: فلم قاتلهم إذًا؟ قال عبد الله بن شداد: واللهِ ما بعثَ إليهم حتَّى قطعوا السبيل، وسفكوا الدماء، واستحلُّوا الذِّمة (٢). وهذا يؤكِّد مدى الحرية الفكرية والسياسية التي كان يمارسها المسلمون في عهد الخلفاء الراشدين، فقد تعامَل علي -رضي الله عنه- مع الخوارج قبل أن يسلُّوا السيف على الأمة» (٣).


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٥٦٢)، وأبو عبيد في «الأموال»، وفي إسناده «كثير بن نمير» لم يوثِّقه معتبر، وضعَّف الأثر الألباني في الإرواء (٨/ ١١٧).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٨٧)، قال ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٠/ ٥٦٨): «تفرد به أحمد وإسناده صحيح، واختاره الضياء - يعني في (المختارة) -».
(٣) (ص: ٥٨).

<<  <   >  >>