ذكر الدكتور كلام ابن القيم عن الإمام مالك أنه لم يترك الفتيا لأجل منع السلطان، فقال الدكتور:«وقد سلك هذا المسلك أئمةٌ كبار؛ كالإمام مالك بن أنس عندما منعه السلطان من الفتيا بأنَّ يمينَ المكْرَهِ لا تنعقد فلم يمتنع بدعوى طاعة ولاة الأمور.
يقول ابن القيم: فهذا مالكُ بن أنس توصَّل أعداؤه إلى ضرِّه بأن قالوا للسلطان: إنه يُحلُّ عليك أيْمان البيعة بفتواه أنَّ يمين المكْرَه لا تنعقد، وهم يحلفون مكرَهين غيرَ طائعين، فمنعه السلطان، فلم يمتنع لما أخذه الله من الميثاق على مَنْ آتاه الله علمًا أن يبيِّنه للمسترشدين».
إنَّ فعل الإمام مالك حقٌّ لأنه يرى أنَّ امتناعه من الفتيا محرَّم، ولا يجوز السمع والطاعة فيما حرَّم الله، فهذا محمول على تعليم وفتيا لا يقوم بها غيره، فتعيَّنت عليه أو قام بها غيره لكن لا يكفي.
وهكذا بقية النقول، ومن لم يكن حاله كذلك ولم يمتنع فإنه مخطئ، لأنه إذا كان التعليم مستحبًّا فإن الطاعة للحاكم لما منع معينًا من التعليم واجبة، والواجبُ مقدمٌ على المستحب، والحجَّة في الدليل، وهو وجوبُ السمع والطاعة في غير معصية الله.
ثم ينبغي أن يُعلَم أن من لم يمتنع من السلف عن تعليم العلم الشرعي والفتوى والدعوة إلى السُّنة كانوا يرون هذا واجبًا في علم شرعي ينفع الناس، فلا يصحُّ للدكتور آل عبد اللطيف وأصحابه أن يستندوا على هذه الكلمات من السلف في ألَّا يستجيبوا لمنع ولي الأمر لهم من الدروس؛ لأنه - تنزُّلًا - هناك فرق كبير بين