للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد رأيتُ كثيرًا من المخطئين يعترضون على ما تقدم ذِكرهُ بما يلي:

الأمر الأول: أن القاعدة الشرعية أنَّ مَنْ أخطأ علانية فيُردُّ عليه علانية، قالوا: ومن ذلك ولاة الأمور.

فيُقال: هذه القاعدة صحيحة، وقد ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال:

«وأمَّا إذا أظهرَ الرجلُ المنكرات وجبَ الإنكارُ عليه علانية، ولم يبقَ له غيبة، ووجبَ أن يُعاقَبَ علانية بما يردعُهُ عن ذلك من هَجْرٍ وغيره» (١).

لكن تطبيقها على ولاة الأمور خطأ مخالف للشرع، وذلك لما تقدَّم ذِكرهُ من أنَّ لوليِّ الأمر طريقة في النصح تخالفُ عامة الناس وقد بيَّنها عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-، ودرجَ على ذلك السلف.

فإذن هذه القاعدة عامة، ويُستثنى منها وليُّ الأمر للأدلة الخاصة، والخاصُّ مقدَّم على العام، هذا إذا كان وراءه، أما إذا كان أمامَهُ فالأصلُ الإنكار عليه علانية، إلَّا إذا اقتضت المصلحة خلافَ ذلك.

الأمر الثاني: اعترضوا بالنصوص العامة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقالوا: مقتضى عمومها أن تشملَ وليَّ الأمر.

فيقال: ما تقدَّمَ ذِكرهُ من الأدلة في نُصح ولاة الأمور أمامهم لا وراءهم = أدلة خاصة، فتُقدَّم على الأدلة العامة في الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر.


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٢١٧).

<<  <   >  >>