للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشبهة الخمسون:

أنَّ بعضَ الأدلة جوَّزت الخروجَ عند وجود المعصية من الحاكم؛ لما أخرجَ ابنُ حبان (١) عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «اسمَعْ وأطِعْ في عُسرِكَ ويُسركَ ومنشطكَ ومكرهِكَ وأثَرةٍ عليك، وإنْ أكلوا مالك وضربوا ظهركَ إلَّا أن يكونَ معصية» بلفظ «إلَّا أن يكون معصية»، وفي موضع آخر (٢) بلفظ: «إلَّا أن تكون معصية لله بواحًا»، وأخرجه أحمد بلفظ «ما لم يأمروك بإثمٍ بواحًا» (٣)، فدلَّ هذا الحديث على أنه يخرج على الحاكم إذا كانت عنده معصية ظاهرة.

وكشف هذه الشبهة أن يقال:

إنه لا تعارضَ بين ألفاظ حديث عبادة؛ فإنَّ المراد بالكفر المعصية، فلفظُ حديث عبادة بن الصامت في الصحيحين: «إلَّا أن تروا كفرًا بواحًا» (٤)، يفسِّر المعصية المذكورة في رواية ابن حبان وأنها الكفر الأكبر، فبهذا تتفق الألفاظ.

فإن قيل: لماذا لا يُحمل حديث «كفرًا بواحًا» على المعصية فيكون الكفر بالمعنى العامِّ فيشمل جميع المعاصي، ومنها ما هو دون الكفر الأكبر؟

فيقال: هذا لا يصحُّ لسببين:

السبب الأول: دلت الأحاديث على السمع والطاعة للحاكم ولو كان ظالمًا، أي عنده معاصٍ ظاهرة، قال ابن مسعود: قال -صلى الله عليه وسلم-: «إنكم سترونَ بعدي


(١) (١٠/ ٤٢٥).
(٢) (١٠/ ٤٢٨).
(٣) (٥/ ٣٢١).
(٤) سبق تخريجه (ص: ٣٥).

<<  <   >  >>