للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كشف شبهات

فيما يسمع ويطاع فيه للحاكم

الشبهة الأولى:

أنه لا سمع ولا طاعة للحاكم إلَّا في المعروف، والمعروف ما كان واجبًا ومستحبًّا، أو عُرف أنه محمود ومطلوب من أمور الدنيا استدلالًا بحديث «إنما الطاعة في المعروف» (١)، وما عدا هذا المعروف لا يُسمع ولا يطاع له.

وكشفُ هذه الشبهة - بحول الله وقوته - ببيان أنَّ المعروف ما ليس محرَّمًا ومعصيةً، ويتبيَّن هذا بوجوه:

الوجه الأول: أنَّ الأدلة يفسِّر بعضُها بعضًا، وقد بيَّنتِ الأدلة وجوبَ السمع والطاعة، ولم تستثن إلَّا المعصية، والاستثناء معيار العموم، فدلَّ هذا على أنَّ السمع والطاعة في كل شيء إلَّا المستثنى، ومن ذلك قول عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «على المرء المسلم السمعُ والطاعةُ فيما أحبَّ وكرهَ إلَّا أن يُؤمَر بمعصيةِ الله؛ فإنْ أُمر بمعصية الله فلا سمعَ ولا طاعة» (٢)، هذا الحديث يدلُّ على أنه يُسمع له في كلِّ شيء إلَّا ما حرَّم الله، وهذا هو المعروف المراد في حديث علي ابن أبي طالب -رضي الله عنه- المتقدم.

الوجه الثاني: مناسبة الحديث تدلُّ على أنَّ الذي لا يُطاع فيه الأمير هو ما كان في معصية الله، لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر هذا الكلام لأناس أرسلَهم وجعلَ لهم


(١) أخرجه البخاري (٤٣٤٠)، ومسلم (١٨٤٠) من حديث علي -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري (٧١٤٤)، ومسلم (١٨٣٩).

<<  <   >  >>