للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للوكيل حقًّا في عزلهِ وهذا القولُ أجنبيٌّ عن معتقد أهل السنة كما تقدم، ومثلُه يقال في القول: إنه عقد إجارة فإنه لا يصحُّ أيضًا؛ لأنه يلزم منه ما يلزم من الوكالة.

الوجه الثالث: أن قول أبي مسلم الخولاني - إن صحَّ - أيها الأجير.

المراد من باب التقريب والتشبيه أنه أجيرٌ من الله على الرعية؛ لذا قال أبو مسلم: استأجرك ربُّ هذه الغنم لرعايتها؛ فإن أنت هنأت جرباها، وداويتَ مرضاها، وحبستَ أُولاها على أُخراها: وفَّاك سيِّدُها أجرَك، وإنْ أنت لم تهنأ جرباها ولم تداوِ مرضاها؛ ولم تحبس أُولاها على أُخراها عاقبكَ سيِّدها.

وهذا الذي فهمه ابن تيمية أنه أجيرٌ من الله، لا كما ظنَّ المستدلُّ أن نوع العقد الذي بين الحاكم والمحكوم عقدُ إجارة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وهذا ظاهر في الاعتبار: فإنَّ الخلق عباد الله، والولاة نوابُ الله على عباده، وهم وكلاء العباد على نفوسهم؛ بمنزلة أحد الشريكين مع الآخر؛ ففيهم معنى الولاية والوكالة» (١).

الشبهة الثامنة والعشرون:

أن السمع والطاعة مقايضةٌ بين الحاكم والمحكوم، فإذا قام الحاكم بالحقوق التي عليه قام المحكومون بالحقوق التي عليهم.

وكشفُ هذه الشبهة ببيان عدم صحة هذا لأمرين:

الأمر الأول: أمرت الشريعة بالصبر على جور الحاكم، ومن ذلك إذا قصَّر الحاكم في القيام بحقوق المحكومين، ولم تأمر الشريعة بالصبر على جَور المحكوم،


(١) السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية (ص: ١١).

<<  <   >  >>