أنه جاء في حديث تقييد السمع والطاعة لمن قاد بكتاب الله، ففي صحيح مسلم قالت أم الحصين: قال: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنْ أُمِّرَ عليكم عبدٌ مجدَّع يقودكُم بكتاب الله، فاسمَعوا له وأطيعوا»(١).
فمفهومُ هذا الحديث: أنه إذا لم يَقُدِ الناس بكتاب الله وبتحكيم الشريعة فلا يُسمع ولا يطاع له.
والجواب على هذه الشبهة أن يقال: إنَّ قائل هذه الشبهة له حالان:
الحال الأولى:
أنه لا يكفِّر بالحكم بغير ما أنزل الله وإنما يقول هو مسلم لكن لا يُسمَع ولا يطاع له؛ لدلالة هذا الحديث، والجواب على هذا من أوجه:
الوجه الأول: على فرض دلالة الحديث على عدم السمعِ والطاعة لمن لم يحكمُ بكتاب الله؛ فإنَّ دلالته على عدمِ طاعة مَنْ لم يحكُم بكتاب الله دلالة مفهوم، وهذا المفهوم مخالف لمنطوقاتٍ كثيرة في السمع والطاعة للحاكم العاصي في غير معصية الله، والمنطوقُ عند التعارض مقدَّمٌ على المفهوم عند أهل العلم.
الوجه الثاني: إنَّ قوله: «ما قادوكم بكتاب الله» قد يُراد به ما جوَّزهُ شرع الله، ويُقابله ما هو محرَّمٌ مما لم يجوِّزهُ شرعُ الله؛ فلا يُطاع الحاكم في معصية الله، وهذا مثل حديث عائشة في قصة بريرة قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما كان من شرطٍ ليس في