للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشيخ ابن عثيمين: «قوله: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٦٠]، هل إذا صدر من المستشارين أمرٌ هل هو مُلزِمٌ أو كاشف للرأي؟ الجواب: أنه كاشف للرأي، وليس بمُلزِم؛ لأنه لو كان مُلزمًا لكانَ الحكم بأيدي جماعة، والحكم بيدِ واحد، لكن يجبُ على المستشير أن يتبع ما يرى أنه أصلح، ولا يجوز أن ينتصرَ لرأيهِ لأنه رأيهُ، بل الواجب عليه - لحقِّ الله ولحقِّ من ولَّاهم الله عليه - أن يتبع ما هو أصلَحُ حتى لو خالفوه، والأصلح في رأيهم يجبُ عليه أن يتَّبع رأيهم، لكنه ليس بمُلزِم. بمعنى أننا لا نقول: إنَّ هؤلاء لهم سلطة على الحاكم، بل الحاكم له السلطة، ولهذا قال هنا:

{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: ١٦٠]، ولم يقل: إذا أشاروا عليكَ فخُذْ به إذا عزمت، وهو قد يعزمُ على ما أشاروا به، وقد يعزم على غيره» (١).

الاستدراك الخامس:

قال الدكتور الدميجي: «فيؤخَذُ من هذا أن طاعة المخلوقين جميعهم: حاكمهِم ومحكوميهم مقيَّدة بأن تكون بالمعروف، والمعروفُ هو ما عُرفَ من الشارع والعقل السليم حسَنُه أمرًا كان أو نهيًا، والحكَمُ في ذلك هم العلماء الذين يستنبطون الحكم من الكتاب والسنة كما قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: ٨٣].

إذا لم يكن الإمام عالمًا - مع أنه من شروطه - وكما شملت الآية السابقة {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} العلماء أيضًا، ولأننا أُمرنا عند التنازع بالتَّحاكم إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله، وهذا ما يحملُه علماءُ الشرع ويتعلَّمونه


(١) تفسير آل عمران المجلد الثاني (نقلًا من موقع الشيخ الإلكتروني).

<<  <   >  >>