للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبهذا صحَّ أن يُتصوَّر من الشريعة التي جاءت بقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} الأمرُ بطاعةِ مخلوقٍ وبشرٍ وهما الوالدان، ولم يمتنع هذا التصوُّر إلَّا عند العقول الغالية في الإمامة؛ مثل عقلية الدكتور حاكم.

الوجه الثاني: إذا تبيَّن أن قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} لا ينافي وجوبَ السَّمع والطاعة لبشر، فإنَّ الأدلة المتواترة مع إجماعاتِ أهل السنة دلَّت على وجوب السَّمع والطاعة للحاكم في غير معصية الله.

فإنَّ الواجبَ الإيمانُ بالشريعة كلِّها؛ قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: ٨٥].

وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: ٢٠٨].

الاستدراك السابع عشر:

قال الدكتور حاكم العبيسان: «ثم الخلق بعد ذلك بشرٌ لا طاعةَ لأحدٍ على أحدٍ إلَّا بما كان طاعة لله -عز وجل-» (١).

هذا منقوضٌ بطاعةِ الوالدين، فإنه يجبُ طاعتهما في كلِّ ما ليسَ معصيةً؛ للأدلة الدالة على ذلك؛ وليست طاعتُهما مخصوصةً في طاعةِ الله من الواجباتِ والمستحبات، فهل يا تُرى يُكابر الدكتور، ويقول: لا تجبُ طاعةُ الوالدين في المباحات؟

الاستدراك الثامن عشر:

قال الدكتور حاكم العبيسان: «ولهذا جاءت النصوص عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لتحصرَ الطاعةَ بطاعةِ الله -عز وجل- واتِّباع رسوله، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا طاعةَ في معصيةِ الله إنَّما


(١) (ص: ٤٥).

<<  <   >  >>