للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} ونحوها.

وكشفُ المغالطات في كلام ابن حزم بما يلي:

أما المغالطة الأولى والثانية؛ وهي الاستدلال بالأدلة في إنكار المنكر وعدم التعاون على الإثم والعدوان، فيقال: الجوابُ عليها من أوجه:

الوجه الأول: أنها أدلة عامة؛ والأدلة في الصَّبر على جَور الحاكم خاصة، والخاصُّ مقدَّم على العام.

الوجه الثاني: أنه لو قدّر عدم تخصيصها فإنه يتعينُ عدمُ العمل بها؛ لأن إنكار المنكر إذا ترتَّب عليه منكَرٌ أكبر وجبَ تركُه، وتركُ السمع والطاعة يترتَّب عليه منكر أكبرُ كما تقدَّم نقلُه عن أهل العلم، ودلَّت عليه الحوادثُ والوقائع.

الوجه الثالث: أنَّ أهل السنة مجمعون على السمع والطاعة للحاكم المسلم والصبر على جَوره، والإجماعُ قطعي الدلالة لا يخصَّصُ ولا يُنسخ (١).


(١) قال الغزالي في المستصفى (ص: ٢٤٥): «الثالث: دليل الإجماع، ويخصَّصُ به العام، لأنَّ الإجماعَ قاطعٌ لا يمكن الخطأ فيه، والعامُّ يتطرق إليه الاحتمال، ولا تقضي الأمة في بعض مسمَّيات العموم بخلاف موجب العموم إلَّا عن قاطعٍ بلَغَهُم في نسخ اللفظ الذي كان قد أريد به العموم، أو في عدم دخوله تحت الإرادة عند ذكر العموم والإجماعُ أقوى من النصِّ الخاص، لأنَّ النصَّ الخاص محتملٌ نسخه، والإجماعُ لا يُنسَخ، فإنه إنما ينعقد بعد انقطاعِ الوحي» اهـ.
وقال ابن قدامة في روضة الناظر (٢/ ٦٢): «فإنَّ الإجماع قاطعٌ، والعام يتطرقُ إليه الاحتمال؛ وإجماعُهم على الحكم في بعض صور العام على خلاف موجب العموم لا يكون إلَّا عن دليلٍ قاطعٍ بلَغَهُم في نسخِ اللفظ إن كان أُريد به العموم، أو عدم دخوله تحت الإرادة عند ذكر العموم» اهـ.

<<  <   >  >>