للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصحَّ عنه -عليه السلام- أنه قال: «المسلمُ أخو المسلم لا يسلبهُ ولا يظلمه» (١).

وقد صحَّ أنه -عليه السلام- قال في الزكاة: «مَنْ سألهَا على وجهها فلْيُعطَها، ومَن سألَها على غير وجهها فلا يُعطَها» (٢)، وهذا خبر ثابت رويناه من طريق الثقات عن أنس بن مالك عن أبي بكر الصديق عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا يُبطلُ تأويلَ من تأوَّل أحاديثَ القتال عن المال على اللصوص لا يطلبون الزكاة، وإنما يطلبه السلطان، فاقتصر -عليه السلام- معها إذا سألَها على غير ما أمرَ به -عليه السلام-، ولو اجتمع أهلُ الحقِّ ما قاومهم أهلُ الباطل؛ نسأل الله المعونة والتوفيق» (٣).

إنَّ ملخص كلامه وحُجَجه ما يلي:

الأول: أن الله يقول: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢]، قال: «والسماحُ له بأخذ المال وضَربِ الظهر تعاونٌ على الإثم والعدوان».

الثاني: استدلَّ بعموم الأدلة في أمورٍ؛ منها وجوبُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقال: يجبُ أن يُنكَر على الحاكم ظُلمه.

الثالث: استدلَّ بأنه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق وقال: إنَّ عدم إنكار المنكر طاعةٌ له في ترك واجب، وهو إنكار المنكر، وإنَّ عدمَ منعهِ من الضرب بغير حقٍّ، وأخذَ المال بغير حقٍّ = من طاعته في معصية الله؛ لأن الواجب منعه.

الرابع: تمسَّك بالنسخ فقال إنَّ الأدلة الناهية عن قتاله والخروج عليه منسوخة بمثل قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى


(١) أخرجه البخاري (٢٤٤٢)، ومسلم (٢٥٨٠) من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه البخاري (١٤٥٤) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
(٣) الفصل في الملل والأهواء والنحل (٤/ ١٣٣).

<<  <   >  >>