للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال: وأما القسم الثالث، أن يأمر ولاة الأمور بما لم يتعلَّق به أمر ولا نهي، فهنا معترك القول، فالمتمردون على ولاة الأمور يقولون: لا سمع ولا طاعة، هاتِ دليلًا على أنَّ هذا واجب، والمؤمنون يقولون: سمعًا وطاعة؛ لأننا لو لم نُطِعْهُم إلَّا في أمرٍ وردَ فيه الشرع بعينهِ لكانت الطاعة ليست لهم، بل للأمر الشرعي، فمثلًا لو قال إنسان: أنا لا أخضع للتنظيم، فلو سدَّ المرور هذا الطريق وقال للناس: سيروا في الجهة الأخرى، فقال: أنا لا أخضع لهذا الأمر، ثم جاء ليجادل ويقول: أين الدليل؟ هل قال الله تعالى: إذا قال لك المرور: لا تمش في هذا الخطِّ فلا تمش؟

الجواب: لم يقل، لكن على سبيل العموم، قال الله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ}؛ فيجب أن تمتثل، فإذا قال: ليس في هذا مصلحة، فلماذا أمتثل؟ قلنا: لو جعلنا المصلحة مربوطةً برأي كلِّ واحد من الناس ما عملنا بمصلحةٍ قط؛ لأنَّ أهواء الناس متباينة مختلفة، فالرأي لوليِّ الأمر قبل كلِّ شيء، فإذا كان عندك رأي ترى فيه مصلحةً، وجب عليك - من باب النصيحة - أن ترفعه لولي الأمر، وتقول: نحن نمتثل أمركَ سمعًا وطاعةً لله -عز وجل- قبل كل شيء، ولكن نرى أنَّ المصلحة في كذا كذا، وحينئذ تكون ناصحًا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (١).

الشبهة الثانية:

أن المراد من تحكيم أفراد أحكام الله من قطع يد السارق ورجم الزاني المحصن وهكذا … العدلُ؛ فمتى ما وجد العدلُ وجِدَ حكمُ الله، ولسنا ملزمين


(١) تفسير سورة النساء (١/ ٤٥١)، وله كلام نحوه في شرح رياض الصالحين (٢/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>