الوجه الثالث: لنفرضْ أنَّ الإمام عبد الرحمن بن حسن اختارَ هذا القول، وظنَّ أنه لا سلفَ لمن يقول بوجوب الإذن فقد أخطأ في ظنه، وأيضًا الأدلة تدلُّ على أنه يجب أخذُ إذنِ الإمام للجهاد، والعبرة بالأدلة. أمَّا أفراد أهل السنة فليسوا معصومين، بل يخطئون ويصيبون.
الاستدراك التاسع والسبعون:
ينقل الدكتور حاكم كلامًا طويلًا للإمام العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن ابن حسن ويثني عليه؛ مع أن فيه تقرير صحَّة بيعة المتغلِّب، قال الدكتور:«ومما يؤكِّد البَون الشاسع بين الفكر السلفي قبل ظهور الخطاب المبدَّل، والفكر السلفي بعد ظهوره ما جاء في رسالة العلامة السلفي الشيخ عبد اللطيف آل الشيخ وموقفه من الأمير عبد الله الذي استعان بالدولة العثمانية على الأمير سعود حيث قال:
«وبعدُ تفهمونَ أنه لا إسلام بلا جماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، وقد حصل من التفرق والاختلاف والخَوض في الأهواء المضلَّة ما هَدَمَ من الدين أصلَهُ وفرعه، وطمس من الدين أعلامَه الظاهرة وشرعَه، وهذه الفتنة يحتاج الرجل فيها إلى بصَرٍ نافذ عند ورود الشبهات، وعقلٍ راجح عند حلول الشهوات، والقولُ على الله بلا علم والخوضُ في دينه من غير درايةٍ ولا فهم، فوقَ الشرك واتخاذ الأنداد معه، وقد صار لديكم وشاعَ بينكم ما يعزُّ حصرهُ واستقصاؤه، فينبغي للمؤمن الوقوفُ عند كلِّ همة وكلام، فإن كان لله مضى فيه وإلَّا فحسبه السكوت».
ثم قال: «وقد عرفتم أنَّ أمر المسلمين لا يصلح إلا بإمام، وأنه لا إسلام إلا بذلك، ولا تتم المقاصد الدينية ولا تحصل الأركان الإسلامية، ولا تظهر الأحكام القرآنية، إلا مع الجماعة والإمامة، والفرقةُ عذابٌ وذهابٌ في الدين والدنيا، ولا تأتي شريعة بذلك قطُّ.