للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحاربوا أهل الجماعة، ولم يكن يتبيَّن له أنهم هُمْ» (١)، وهذا من أوضَحِ ما بُيِّن أن الحرية المزعومة التي يدَّعيها حاكم عبيسان حريةٌ باطلة؛ لأنَّ عمر -رضي الله عنه- أرادَ قتل صبيغ بن عسل لمَّا ظنَّه خارجيًّا.

الوجه الثاني: تقدم (٢) ذكر الأدلة الناهية عن سبِّ السلطان وإشاعة أخطائه مما يدلُّ على أنَّ فعل الخوارج لما سبُّوا عليًّا محرَّم؛ وما كان محرمًّا فيجبُ إنكاره؛ للأدلة الدالة على وجوب إنكارِ المنكر، لكنَّ الخليفة الراشد علي بن أبي طالب ترك إلزامَهُم بالقوة للمصلحة الراجحة، فلما بدؤوا بالقتال ترجَّحت مصلحةُ قتالهم.

وهذا ما أشار إليه ابن تيمية لما قال: «ولا يجبُ قتلُ كلِّ واحدٍ منهم إذا لم يُظهر هذا القول أو كان في قتله مفسدة راجحة. ولهذا ترك النبي -صلى الله عليه وسلم- قتلَ ذلك الخارجي ابتداءً لئلَّا يتحدَّث الناسُ أنَّ محمدًا يقتل أصحابه»، ولم يكن إذ ذاك فيه فسادٌ عام؛ ولهذا تركَ علي قتلَهُم أولَ ما ظهروا؛ لأنهم كانوا خلقًا كثيرًا وكانوا داخلين في الطاعة والجماعة ظاهرًا لم يحاربوا أهل الجماعة … » (١).

الاستدراك السادس والعشرون:

قرَّر الدكتور حاكم العبيسان أمرًا منكرًا للغاية؛ وهو حرية الاعتقاد، وأنَّ قتال علي ليس لأجل عقائدهم فقال:

«حيث ضمِنَ لمخالفيه في الرأي - مع تطرُّفهم وغلوِّهم - الحرية العقائدية والفكرية والسياسية والحقوق المالية، فلم يقاتلهم إلَّا دفعًا لعدوانهم ومنعًا لفسادهم لا فساد آرائهم وتطرُّفها أو معارضتهم له في الرأي؛ لعلمهِ -رضي الله عنه- أنَّ


(١) مجموع الفتاوى (٢٨/ ٤٩٩).
(٢) تقدم (ص: ٤٦).

<<  <   >  >>