للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحدِّثُ نفسه، فدنوتُ منه، فقلت: ما الذي أهمَّكَ يا أمير المؤمنين، فقال: هكذا بيده - وأشار بها - قال: قلتُ: الذي يهمُّكَ واللهِ لو رأينا منك أمرًا ننكرهُ لقوَّمناك، قال: آللهِ الذي لا إله إلا هو لو رأيتم مني أمرًا تنكرونه لقوَّمتموه؟، فقلتُ: آللهِ الذي لا إله إلا هو لو رأينا منك أمرًا ننكره لقوَّمناك، قال: ففرح بذلك فرحًا شديدًا، وقال: الحمد لله الذي جعل فيكم أصحابَ محمد من الذي إذا رأى مني أمرًا ينكره قوَّمني» (١).

وليس فيها محلُّ الشاهد وهو التقويم بالسيف، فهو إذن محمولٌ على التقويم بالنصيحة على الطرق الشرعية. وهذا الفهمُ هو الذي تجتمع معه بقية الأدلة.

الشبهة الحادية والأربعون:

أنه يجوز الخروجُ بالسيف؛ لقول ابن مسعود: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لم يكنْ نبيٌّ قطُّ إلَّا كان له من أمته حَواريون، وأصحابٌ يتبعون أمره، ويهتدون بسنَّته، ثم يأتي من بعد ذلك أمراء يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون يغيِّرون السُّنن، ويُظهرون البدع، فمَن جاهدَهُم بيده، فهو مؤمن، ومَن جاهدَهُم بلسانه، فهو مؤمن، ومَن جاهدهم بقلبه، فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان مثقالُ حبَّة خردل» (٢).

فقوله: «فمن جاهدهم بيده» يدلُّ على الخروج بالسيف على الأمراء.


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٩٩).
(٢) الإبانة الكبرى لابن بطة (١/ ٢١٣).

<<  <   >  >>