للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا النقل يكثر تناقلُه لمن عندهم ضلالٌ في باب الإمامة لظنِّهم أنه يؤيد مذهبهم البدعي، وقد سبق - بفضل الله - ردُّ استغلالهم لهذا النقل من أوجه (١).

الاستدراك الثالث عشر:

ذكر الدكتور آل عبد اللطيف قاعدة فهِمَها خطأ من كلام ابن تيمية.

يقول الدكتور: «ومما يجدرُ تقريرهُ أيضًا ما حرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية من عدم العدول عن نصٍّ شرعي معيَّن إلى نصٍّ عامٍّ في طاعة ولاة الأمور، فإنَّ أكثر الصحابة -رضي الله عنهم- اعتزلوا القتال الواقع بين علي ومعاوية -رضي الله عنهما- لأنه قتالُ فتنةٍ فلا تجبُ طاعة الإمام فيه.

يقول شيخ الإسلام: ومَن رأى أنَّ هذا القتال مفسدتهُ أكثر من مصلحته عَلِمَ أنه قتال فتنة، فلا تجبُ طاعة الإمام فيه، إذ طاعته إنما تجب في ما لم يعلم المأمور أنه معصية بالنصّ، فمَن علم أنه هذا هو قتال الفتنة - الذي تركُه خيرٌ من فعله - لم يجب عليه أن يعدلَ عن نصٍّ معين خالصٍ إلى نصٍّ عام مطلق في طاعة أولي الأمر، ولا سيما وقد أمر الله تعالى عند التنازع بالردِّ إلى الله والرسول».

إنَّ كلام ابن تيمية حقٌّ، ومراده لا يُصار إلى طاعة الحاكم في معصية الله استدلالًا بالنصوص العامة الآمرة بطاعته، فإنها مقيدة في غير معصية الله، فإنَّ قتال الفتنة الذي تغلب مفسدته مصلحته محرَّم ومعصية، فلا يُطاع الحاكم فيه، لأنه محرَّم ومعصية.


(١) تقدم (ص: ٩٠).

<<  <   >  >>