للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التأصيل السابع

حُرمة إشاعة عيوب ولاة الأمور وإظهارها ولو باسمِ النصيحة، ويدلُّ لهذا الأصل عدة أدلة:

الدليل الأول:

أنَّ إظهارَ عيوبهم وأخطائهم سببٌّ لشحن النفوس عليهم، المؤدِّي للخروج عليهم؛ والوسائلُ المؤدية للمحرَّم محرَّمة لأنَّ للوسائل أحكام الغايات.

قال التابعي الجليل - وقيل: إنه صحابي - عبدالله بن عكيم: «لا أُعينُ على دمِ خليفةٍ أبدًا بعد عثمان، فيقال له: يا أبا معبد أو أَعنْتَ على دمهِ؟! فيقول: إنِّي أعدُّ ذِكرَ مساويهِ عونًا على دمهِ» (١).

الدليل الثاني:

أنَّ نشرَ أخطاء وعيوب المسلمين منهيٌّ عنه؛ لأنه من الغيبة، فكيف بوليِّ الأمر، هذا على فرضِ أنها حقٌّ، فكيف إذا كانت كذبًا أو مبالغًا فيها.

وقد حرم الله الغيبة بقوله: {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: ١٢]، وقد ذكر القرطبي في تفسيره أنَّ الغيبة كبيرةٌ من كبائر الذنوب بإجماع أهل العلم فقال: «لا خِلافَ أنَّ الغيبة من الكبائر، وأنَّ مَنْ اغتابَ أحدًا عليه أن يتوبَ إلى الله -عز وجل-».


(١) الطبقات الكبرى (٣/ ٨٥)، والتاريخ الكبير (١/ ٣٢).

<<  <   >  >>