للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستدراك الثالث:

قوله: «أنَّ الطاعة لأصحاب الولايات الشرعية، وهذا أمرٌ بدهي دلَّت عليه الآية الكريمة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].

قال الشوكاني: «وأُولو الأمر: هم الأئمةُ والسَّلاطين والقضاة وكلُّ مَنْ كان له ولايةٌ شرعية لا ولاية طاغوتية».

هذا الكلامُ مجمل؛ لأنه لم يبيِّن مَنْ هم أصحابُ الولايات الشرعية وما ضابطهم؟

فإذا قرأه من غُذِيَ بالأفكار الحركية الثورية أو مَنْ لا يدري في زمنٍ كثُر نقدُ دعاة البدعة للولاة = علمَ أنه لا يُراد بهم الولاة الموجودون؛ لأنهم غيرُ شرعيين - كما ربَّوهم على ذلك تصريحًا أو تلميحًا - لاسيما والدكتور عبد العزيز آل عبد اللطيف لا يرى الحكومات الموجودة مسلمة إن لم يكن كلّها فأكثرها، كما تقدَّم نقله عنه، وإنَّ سلوك طريقة الألفاظ المجملة هي طريقةُ أهل البدع في التلبيس على الناس، قال الإمام أحمد في مقدِّمة الردِّ على الجهمية والزنادقة: «يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام ويخدَعون جهَّال الناس بما يشبِّهون عليهم؛ فنعوذ بالله من فتن المضلين» (١).

وقول الشوكاني: «لا ولاية طاغوتية» حق أي لا ولاية كفرية، وتقدَّم في التأصيلات أنه لا ولاية للحاكم الكافر، ويجب خلعهُ عند القدرة.


(١) الرد على الزنادقة والجهمية (ص: ٦).

<<  <   >  >>