عقيدة الصَّبر إلَّا عقيدةً جبرية، والآن يراهُ في ظلِّ الحكومة غير الكافرة. وهذا تناقضٌ فاحشٌ حتى إنك لَتظنُّ أنَّ كاتبَ الكتاب رجلان؛ ولكلٍّ منهما فكرٌ مناقضٌ للآخر.
الاستدراك الواحد والثمانون:
قال الدكتور:«بل إنَّ الأئمة إنما أوجَبوا السمعَ والطاعة للخلفاء - وإنْ وقعَ منهم جَور - إذا كانوا خلفاء وأئمة ليس فوقَهُم سلطة، أمَّا الأنظمة التي جاء بها الاستعمار أو صَنَعها على عَينهِ لتنفِّذ مخطَّطاته، فالطاعة ليست لهم، وإنَّما هي في واقع الأمر للدول الاستعمارية التي توظِّفهم في خدمتها»(١).
في هذا أمور عدة:
الأمر الأول: تناقض الدكتور التناقض الذي سبقت الإشارة إليه، فهو في هذا الكلام يرى عقيدة الصبر على جَور الحاكم، وفيما تقدَّم جعلَها عقيدةً جبرية مبتدَعة ابتدَعَها الحسنُ البصري!!.
الأمر الثاني: اشترطَ السمع والطاعة للحاكم المسلم القويِّ الذي لا يخاف من قوى أعظَمَ كفرية، أو لحاكم لا يسيرُ على مخطَّطات الغرب، وهذا اشتراطٌ باطل لسببين:
السبب الأول: أنَّ أدلة السمع والطاعة لم تفرِّق بين المتغلِّب بنفسه أو بغيره، وكذلك إجماعات أهل السنة.
السبب الثاني: أنَّ الحكمة التي شُرع من أجلها السمع والطاعة تتحقَّق مع وجود هذه الحكومات بهذه الحالة. هذا كلُّه على فرض الموافقة على تشخيص حال الحكومات اليوم بهذا التشخيص الغالي.