للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إنَّ أكثر الأنظمة اليوم ليست هي الأنظمة التي توصفُ بالجَور الذي اختلف العلماء في شأنه، بل هي الأنظمة التي توصَفُ بالكفر الذي أجمع العلماء على وجوب الخروج عليها لمن استطاع، فلا يمكن تنزيلُ كلام السلف على الواقع إلَّا كما لو صحَّ تنزيله على دولة العبيديين في مصر» (١).

هذا نفَسٌ خارجيٌّ معروف، فيه تكفيرٌ للحكومات الإسلامية اليوم، وأنها تعيشُ حالة الكفر البواح، لو اقتصر عليه لكَفاني عَناءَ الردِّ عليه في دعوته إلى الحرية المفرِطةِ والتي منها عدم إنكار المنكر، والسماح بالفساد الشُّبُهاتي والشَّهواني باسم الحرية، مُوهمًا الاستدلالَ بقوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}.

وفي دَعواه عدمُ الصَّبر على جَور الحاكم الفاسق؛ وأنَّ هذه عقيدةٌ جبرية بدعية أتى بها الحسن البصري.

وفي دعواه عدم صحة إمامة المتغلِّب، وأنَّ الإمامة لا تصحُّ إلَّا بالاختيار.

وفي دعواه إلى عزلِ الحاكم بفسقه، بل حتى لو تركَ الشورى إلى غير ذلك.

وهذا من بُهْتهِ على السلفية المعاصرة ومحاولة فصلِها عن المنهج الأول والسلف الصالح إلى غير ذلك من شناعاته وجهالاته وبغيه وعدوانه.

ثم ليُعلَم أنَّ كثيرًا من هؤلاء إذا قالوا: (أكثر الحكومات) فهُم يريدونها كلَّها، لكنهم يذكرون هذا تعميةً؛ فكثيرٌ منهم يكفِّر حتى دولةَ التوحيد السعودية فضلًا عن غيرها، لذا لا يذكرون بأنَّ من الحكومات الحالية - كالسعودية - حكومة شرعية.

وعَودًا على كلامه يقال: إنَّ في كلامه هذا تناقضًا بيِّنًا، فإنه فيما تقدَّم لا يرى


(١) (ص: ٣١٥).

<<  <   >  >>